السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ١٧٣
ولم أقف على محل تلك الدار من مكة قال وقيل توفيت أي دفنت بالحجون بشعب أبي ذؤيب وغلط قائله وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت حج بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فمر على عقبة الحجون وهو باك حزين مغتم فبكيت لبكائه ثم إنه طفق أي شرع يقول يا حميراء استمسكي فاستندت إلى جنب البعير فمكث عني طويلا ثم عاد إلى وهو فرح متبسم فقلت له بأبي أنت وأمي يا رسول الله نزلت من عندي وأنت باك حزين مغتم فبكيت لبكائك ثم إنك عدت إلي وأنت فرح متبسم فمم ذاك قال ذهبت لقبر أمي فسألت ربي أن يحييها فأحياها فآمنت وردها الله تعالى وهذا الحديث قد حكم بضعفه جماعة منهم الحافظ أبو الفضل بن ناصر الدين والجوزقاني وابن الجوزي والذهبي في الميزان وأقره على ذلك الحافظ ابن حجر في لسان الميزان جعله ابن شاهين ومن تبعه ناسخا لأحاديث النهى عن الاستغفار أي لها منها ما جاء أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أي ولعله في عمرة القضاء لأنه لم يقدم مكة نهارا مع أصحابه قبل حجة الوداع إلا في ذلك أتى رسم قبر أمه فجلس إليه فناجاه طويلا ثم بكى قال ابن مسعود فبكينا لبكائه صلى الله عليه وسلم ثم قام ثم دعانا فقال ما أبكاكم قلنا بكينا لبكائك فقال إن القبر الذي جلست عنده قبر آمنة الحديث وفي رواية أتى قبر أمه فجلس إليه فجعل يخاطبه ثم قام مستعبرا فقال بعض الصحابة يا رسول الله قد رأينا ما صنعت قال إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي وفي رواية إن جبريل عليه الصلاة والسلام ضرب في صدره صلى الله عليه وسلم وقال لا تستغفر لمن مات مشركا فما رؤى باكيا أكثر منه يومئذ وفي رواية استأذنته في الدعاء لها أي بالاستغفار فلم يأذن لي وأنزل على ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى فأخذني ما يأخذ الولد للوالد قال القاضي عياض بكاؤه صلى الله عليه وسلم على ما فاتها من إدراك أيامه والإيمان به أي النافع إجماعا وكونه ناسخا لذلك غير جيد لأن أحاديث النهى عن الاستغفار بعض طرقها صحيح رواه مسلم وابن حبان في صحيحيهما ونص مسلم استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي وأستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»