السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ١٦٩
وفي كلام القاضي عياض ثم جاءت أبا بكر ففعل ذلك أي بسط لها رداءه ثم جاءت عمر ففعل كذلك وفي كلام ابن كثير أن حديث مجيئ أمه صلى الله عليه وسلم إليه في حنين غريب وإن كان محفوظا فقد عمرت دهرا طويلا لأن من وقت أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقت الجعرانة أي بعد رجوعه من حنين أزيد من ستين سنة وأقل ما كان عمرها حين أرضعته عليه الصلاة والسلام ثلاثين سنة وكونها وفدت على أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما تزيد المدة على المائة وعن أبي الطفيل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لحما بالجعرانة أي بعد رجوعه من حنين كما تقدم والطائف وأنا غلام شاب فأقبلت امرأة فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسط لها رداءه فقيل من هذه قيل أمه التي أرضعته صلى الله عليه وسلم وفي رواية استأذنت امرأة على النبي صلى الله عليه وسلم قد كانت ترضعه فلما دخلت عليه قال أمي أمي وعمد إلى ردائه فبسطه لها فقعدت عليه وتقدم عن شرح الهمزية لابن حجر أن من سعادة حليمة توفيقها للإسلام هي وزوجها وبنوها وفي الأصل ومن الناس من ينكر إسلامها وأشار بذلك إلى شيخه الحافظ الدمياطي فإنه من جملة المنكرين حيث قال أي وفي سيرته حليمة لا يعرف لها صحبة ولا إسلام وقد وهم غير واحد فذكروها في الصحابة وليس بشيء وكان الأنسب أن يقول ذكروا إسلامها وليس بشيء ويوافقه قول الحافظ ابن كثير الظاهر أن حليمة لم تدرك البعثة ورده بعضهم فقال إسلامها لا شك فيه عند جماهير العلماء ولا يعول على قول بعض المتأخرين إنه لم يثبت فقد روى ابن حبان حديثا صحيحا دل على إسلامها وأنكر الحافظ الدمياطي وفودها عليه في حنين وقال الوافدة عليه في ذلك إنما هي أخته من الرضاعة وهي الشيماء أقول وعلى صحة ما قاله الحافظ الدمياطي لا ينافيه قوله صلى الله عليه وسلم أمي أمي لأنه كان يقال لأخته الشيماء أم النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت تحضنه مع أمها كما تقدم ولا قول بعض الصحابة أمه التي أرضعته لأنه يجوز أنه لما قيل أمه حملها على المرضعة له صلى الله عليه وسلم لتيقن موت أمه من النسب وعلى كون الوافدة عليه في حنين أخته اقتصر في الهدى والله أعلم
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»