السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ١١٨
صدقت وأمسك عني فسألته عن القضيب فقال تحفة من تحف الملوك ومما يحفظ عن يحيى بن خالد هذا زيادة على ما تقدم عنه إذا أحببت إنسانا من غير سبب فارج خيره وإذا أبغضت إنسانا من غير سبب فتوق شره ومما يحفظ عنه أيضا وقد قال له ولده وأظنه الفضل وقد كان معه مقيدا في حبس الرشيد بعد قتله لولده جعفر وصلبه ونهبه أموال البرامكة ومن يلوذ بهم يا أبت بعد العز ونفوذ الكلمة صرنا إلى هذه الحالة فقال يا ولدي دعوة مظلوم سرت ليلا غفلنا عنها وما غفل الله عنها أي فقد قال أبو الدرداء إياكم ودمعة اليتيم ودعوة المظلوم فإنها تسرى بالليل والناس نيام أي ولأن الله تعالى يقول أنا أظلم الظالمين إن غفلت عن ظلم الظالم وقد قال صلى الله عليه وسلم إتق دعوة المظللوم فإنما يسأل الله حقه وإن الله تعالى لن يمنع ذا حق حقه وجاء إتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب وجاء اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام يقول الله وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين والمراد بالغمام الغمام الأبيض الذي فوق السماء السابعة المعنى بقوله تعالى * (ويوم تشقق السماء بالغمام) * أي لا تقوى على حمله إذا سقط ونصر دعوة المظلوم إستجابتها ولو بعد زمن طويل فهو سبحانه وتعالى وإن أمهل الظالم لا يهمله وجاء اتقوا دعوة المظلوم فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة أي تصعد إلى السماء السابعة فما فوقها وجاء اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا فإنه ليس دونها حجاب وقد قال القائل * تنام عيناك والمظلوم منتبه * يدعو عليك وعين الله لم تنم * ومماقيل في يحيى بن خالد هذا من المدح البليغ * سألت الندى هل أنت حر فقال لا * ولكنني عبد ليحيى بن خالد * فقلت شراء قال لا بل وراثة * توارثني من والد بعد والد * ومما يحفظ عن والده خالد التهنئة بعد ثلاث استخفاف بالمولود ومما يحفظ عن جعفر ولد يحيى قوله شر المال ما لزمك الإثم في كسبه وحرمت الأجر في إنفاقه وقوله المسئ لا يظن في الناس إلا سوءا لأنه يراهم بعين طبعه ومما قيل في جعفر من المدح قول الشاعر
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»