سجدا وسمعت صوتا من جدار الكعبة يقول ولد المصطفى المختار الذي تهلك بيده الكفار ويطهر من عبادة الأصنام ويأمر بعبادة الملك العلام ولا يقال قال إبليس في حق عيسى عليه السلام لا أستطيع أن أدنو إليه وتقدم في حق نبينا صلى الله عليه وسلم أن إبليس دنا منه فركضه جبريل عليه السلام لأنا نقول يجوز أن يكون الدنو في حق نبينا صلى الله عليه وسلم دنوا إلى محله الذي هو فيه لا إلى جسده والدنو المنفى في حق عيسى عليه السلام دنو إلى جسده فإن قيل جاء في الحديث ما من مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا إلا مريم وابنها رواه الشيخان أي لقول أم مريم * (وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) * وفي رواية كل ابن آدم يطعن الشيطان في حنبه بأصبعه حين يولد غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن الحجاب وهي المشيمة التي يكون فيها الولد ولعل المراد بجنبه جنبه الأيسر وعن قتادة كل مولود يمسه الشيطان بأصبعه في جنبه فيستهل صارخا إلا عيسى ابن مريم وأمه مريم ضرب الله عليهما حجابا فأصابت الطعنة الحجاب فلم ينفذ إليهما منه شيء ولعل هذا الحجاب هو المشيمة ويحتمل أن يكون غيرها قلت وجاء عن مجاهد أن مثل عيسى في عدم طعن الشيطان في جسده حين يولد سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وذلك لا يقال من قبل الرأي وعلى تقدير صحة ذلك يكون تخصيص عيسى وأمه بالذكر كان قبل أن يعلم صلى الله عليه وسلم بأن سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كعيسى وأمه وهذا الكلام يرد بيان القاضي عياض للضرر المنفى في قوله صلى الله عليه وسلم من قال إذا أراد أن يأتي أهله بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن قدر بينهما في ذلك الوقت ولد من ذلك الجماع لم يضره الشيطان أبدا بأن المراد أنه لا يطعن فيه عند ولادته بخلاف غيره وهذا أي عدم قربه من نبينا صلى الله عليه وسلم يجوز أن يكون في حق خصوص إبليس فلا ينافي ما تقدم عن الحافظ ابن حجر أن عدم إرتضاعه صلى الله عليه وسلم في ليلتين بوضع عفريت من الجن يده في فيه على تسليم صحته وصاحب الكشاف أخرج المس ومثله الطعن عن حقيقته وقال المراد به طمع الشيطان
(١١٥)