وفي لفظ لم يكن له عظم ولا عصب إلا الجمجمة والكفين ولم يتحرك منه إلا اللسان قيل لكونه مخلوقا من ماء امرأة لأن ماء الرجل يكون منه العظم والعصب أي كما سيأتي عنه صلى الله عليه وسلم من قوله نطفة الرجل يخلق منها العظم والعصب ونطفة المرأة يخلق منها اللحم والدم قال صلى الله عليه وسلم ذلك لما سأله اليهود فقالوا له ممن يخلق الولد فلما قال لهم ما ذكر قالوا له هكذا كان يقول من قبلك أي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفيه أن عيسى عليه الصلاة والسلام على تسليم أنه خلق من نطفة وهي نطفة أمه كان فيه العظم والعصب وقد قيل تمثل لها الملك في صفة شاب أمرد حتى انحدرت شهوتها إلى أقصى رحمها وقيل لم يخلق من نطفة أصلا وقد صرح بالأول الشيخ محيي الدين بن العربي رحمه الله حيث قال أنكر الطبيعيون وجود ولد من ماء أحد الزوجين دون الآخر وذلك مردود عليهم بعيسى عليه السلام فإنه خلق من ماء أمه فقط وذلك أن الملك لما تمثل لها بشرا سويا لشدة اللذة بالنظر إليه فنزل الماء منها إلى الرحم فتكون عيسى عليه السلام من ذلك الماء المتولد عن النفخ الموجب للذة منها فهو من ماء أمه فقط هذا كلامه أي وكون سطيح كان وجهه في صدره لم يختص سطيح بهذا الوصف فقد رأيت أن عمرا ذا الأذعار إنما قيل له ذلك لأنه سبى أمة وجوهها في صدورها فذعرت الناس منهم وعمرو هذا كان في زمن سليمان بن داود عليها السلام وقيل قبله بقليل وملكت بعده بلقيس بعد قتلها له وكان لسطيح سرير من الجريد والخوص إذا أريد نقله إلى مكان يطوى من رجليه إلى ترقوته وفي لفظ إلى جمجته كما يطوى الثوب فيوضع على ذلك السرير فيذهب إلى حيث يشاء وإذا أريد إستخباره ليخبر عن المغيبات يحرك كما يحرك وطب المخيض أي سقاء اللبن الذي يخض ليخرج زبده فينتفخ ويمتلئ ويعلوه النفس فيسأل فيخبر عما يسأل عنه وكانت جمجمته إذا لمست أثر اللمس فيها للينها قيل وهو أول كاهن كان في العرب وهذا يدل على أنه سابق على شق وقد تقدم في حفر زمزم أن الكاهنة التي ذهب إليها عبد المطلب وقريش ليتحاكموا عندها تفلت في فم سطيح وفم شق وذكرت أن سطيحا يخلفها ومن ثم قال بعضهم لم يكن أحد أشرف في الكهانة ولا أعلم بها ولا أبعد فيها صيتا من سطيح وكان في غسان
(١٢١)