ورئيس حكامهم وعنه يأخذون مسائل شرائعهم ورأى في نومه إبلا صعابا تقود خيلا عرابا أي وهي خلاف البراذين قد قطعت دجلة أي وهي نهر بغداد وانتشرت في بلادها أي والإبل كناية عن الناس ورأى كسرى ما هاله وأفزعه أي الذي هو ارتجاس الإيوان وسقوط شرافاته فلما أصبح تصبر أي لم يظهر الإنزعاج لهذا الأمر الذي رآه تشجعا ثم رأى أنه لا يدخر ذلك أي هذا الأمر الذي هاله وأفزعه عن مرازبته بضم الزاي أي فرسانه وشجعانه فجمعهم ولبس تاجه وجلس على سريره ثم بعث إليهم فلما اجتمعوا عنده قال أتدرون فيما بعثت إليكم قالوا لا إلا أن يخبرنا الملك فبينما هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب بخمود النيران أي وورد عليه كتاب من صاحب إيليا يخيره أن بحيرة ساوة غاضت تلك الليلة وورد عليه كتاب صاحب الشام يخبره أن وادي السماوة انقطع تلك الليلة وورد عليه كتاب صاحب طبربة يخبره أن الماء لم يجر في بحيرة طبرية فازداد غما إلى غمه ثم أخبرهم بما رأى وما هاله أي وهو ارتجاس الإيوان وسقوط شرافاته فقال الموبذان فأنا أصلح الله الملك قد رأيت في هذه الليلة رؤيا ثم قص عليه رؤياه في الإبل فقال أي شيء يكون هذا يا موبذان قال حدث يكون في ناحية العرب فابعث إلى عاملك بالحيرة يوجه إليك رجلا من علمائهم فإنهم أصحاب علم بالحدثان فكتب كسرى عند ذلك من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر أما بعد فوجه إلى برجل علم بما أريد أن أسأله عنه فوجه إليه بعبد المسيح الغساني أي وهو معدود من المعمرين عاش مائة وخمسين سنة فلما ورد عليه قال ألك علم بما أريد أن أسألك عنه قال ليسألني الملك عما أحب فإن كان عندي علم منه وإلا أخبرته بمن يعلمه فأخبره بالذي وجه إليه فيه قال علم ذلك عند خالي يسكن مشارف الشام بالفاء أي أعاليها أي وهي الجابية المدينة المعروفة يقال له سطيح قال فأته فاسأله عما سألتك عنه ثم ائتني بتفسيره فخرج عبد المسيح حتى انتهى إلى سطيح وقد أشفى أي أشرف على الضريح أي الموت أي احتضر وعمره إذ ذاك ثلاثمائة سنة وقيل سبعمائة سنة أي ولم يذكره ابن الجوزي في المعمرين وكان جسدا ملقا لا جوارح له وكان لا يقدر على الجلوس إلا إذا غضب فإنه ينتفخ فيجلس وكان وجهه في صدره لم يكن له رأس ولا عنق وفي كلام غير واحد لم يكن له عظم سوى عظم رأسه
(١٢٠)