السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ١١٠
سويا فقالت نعم ولكن سقط ساجدا ثم رفع رأسه وأصبعيه إلى السماء فأخرجته له ونظر إليه وأخذه ودخل به الكعبة ثم خرج فدفعه إليها وبه يظهر التوقف في قول ابن دريد أكفئت عليه جفنة لئلا يراه أحد قبل جده فجاء جده والجفنة قد أنفلقت عنه إلا أن يقال يجوز أن يكون جده أخذه بعد إنفلاق الجفنة ثم دخل به الكعبة ثم بعد خروجه به من الكعبة دفعه له وللنسوة ليضعوه تحت جفنة أخرى إلى أن يصبح فأنفلقت تلك الجفنة الأخرى حتى لا ينافي ذلك ما تقدم عن أمه فوجدت الإناء قد تفلق وهو يمص إبهامه وعن إياس الذي يضرب به المثل في الذكاء قال أذكر الليلة التي وضعت فيها وضعت أمي على رأسي جفنة وقال لأمه ما شيء سمعته لما ولدت قالت يا بني طست سقط من فوق الدار إلى أسفل ففزعت فولدتك تلك الساعة وقال بعضهم يولد في كل مائة سنة رجل تام العقل وإن إياسا منهم ولعل هذا هو المراد بما جاء في الحديث يبعث الله على رأس كل ما ئة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها والمراد برأسها آخرها بأن يدرك أوائل المائة التي تليها بأن تنقضى تلك المائة وهو حي إلا أني لم أقف على أن إياسا هذا كان من المجددين والله أعلم وفي تفسير ابن مخلد الذي قال في حقه ابن حزم ما صنف مثله أصلا أن إبليس رن أي صوت بحزن وكآبة أربع رنات رنة حين لعن ورنة حين أهبط ورنة حين ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي وهو المراد بقول بعضهم يوم بعثه ورنة حين أنزلت عليه صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب وإلى رنته حين ولادته صلى الله عليه وسلم أشار صاحب الأصل بقوله * لمولده قد رن إبليس رنة * فسحقا له ماذا يفيد رنينه * وعن عطاء الخراساني لما نزل قوله تعالى * (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) * صرخ إبليس صرخة عظيمة اجتمع إليه فيها جنوده من أقطار الأرض قائلين ما هذه الصرخة التي أفزعتنا قال أمر نزل بي لم ينزل قط أعظم منه قالوا وما هو فتلا عليهم الآية وقال لهم فهل عندكم من حيلة قالوا ما عندنا من حيلة فقال اطلبوا فإني سأطلب قال فلبثوا ما شاء الله ثم صرخ أخرى فاجتمعوا إليه وقالوا ما هذه الصرخة التي لم نسمع منك مثلها إلا التي قبلها قال هل وجدتم
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»