وهذا اعتراف ورجوع إلى الإنابة، وتذلل وخضوع واستكانة، وافتقار إليه تعالى في الساعة الراهنة، وهذا السر ما سرى في أحد من ذريته إلا كانت عاقبته إلى خير في دنياه وأخراه.
" قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو، ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين " وهذا خطاب لآدم وحواء وإبليس، قيل والحية معهم، أمروا أن يهبطوا من الجنة في حال كونهم متعادين متحاربين.
وقد يستشهد لذكر الحية معهما بما ثبت في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقتل الحيات، وقال: ما سالمناهن منذ حاربناهن.
وقوله في سورة طه: " قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو " هو أمر لآدم وإبليس، واستتبع آدم حواء وإبليس الحية.
وقيل هو أمر لهم بصيغة التثنية كما في قوله تعالى: " وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين (1) ".
[والصحيح أن هذا لما كان الحاكم لا يحكم إلا بين اثنين مدع ومدعى عليه، قال: وكنا لحكمهم شاهدين (2)].
وأما تكريره الاهباط في سورة البقرة في قوله: " وقلنا اهبطوا منها جميعا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين. فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم. قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم منى هدى، فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون.