وفى كتاب التوراة التي بأيدي (1) أهل الكتاب: أن الذي دل حواء على الاكل من الشجرة هي الحية، وكانت من أحسن الاشكال وأعظمها، فأكلت حواء عن قولها وأطعمت آدم عليه السلام، وليس فيها ذكر لإبليس، فعند ذلك انفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان، فوصلا من ورق التين وعملا مآزر وفيها أنهما كانا عريانين. وكذا قال وهب بن منبه: كان لباسهما نورا على فرجه وفرجها.
وهذا الذي في هذه التوراة التي بأيديهم غلط منهم، وتحريف وخطأ في التعريب، فإن نقل الكلام من لغة إلى لغة لا يتيسر (2) لكل أحد، ولا سيما ممن لا [يكاد (3)] يعرف كلام العرب جيدا، ولا يحيط علما بفهم كتابه أيضا، فلهذا وقع في تعريبهم لها خطأ كثير (4) لفظا ومعنى. وقد دل القرآن العظيم على أنه كان عليهما لباس في قوله: " ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما " فهذا لا يرد لغيره من الكلام. والله تعالى أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسن بن أسكاب، حدثنا علي بن عاصم، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله خلق آدم رجلا طوالا كثير شعر الرأس كأنه نخلة سحوق (5)، فلما ذاق الشجرة سقط عنه لباسه، فأول ما بدا منه عورته، فلما نظر إلى عورته جعل يشتد في الجنة، فأخذت شعره شجرة فنازعها، فناداه الرحمن عز وجل: يا آدم منى تفر؟ فلما سمع كلام الرحمن قال يا رب لا، ولكن استحياء ".