سيرين: أول من قاس إبليس، وما عبدت الشمس و [لا] (1) القمر إلا بالمقاييس، رواهما ابن جرير.
ومعنى هذا أنه نظر نفسه بطريق المقايسة بينه وبين آدم، فرأى نفسه أشرف من آدم فامتنع من السجود له، مع وجود الامر له ولسائر الملائكة بالسجود. والقياس إذا كان مقابلا بالنص كان فاسد الاعتبار. ثم هو فاسد في نفسه، فإن الطين أنفع وخير من النار، لان الطين فيه الرزانة والحلم والأناة والنمو، والنار فيها الطيش والخفة والسرعة والاحراق.
ثم آدم شرفه الله بخلقه له بيده ونفخه فيه من روحه، ولهذا أمر الملائكة بالسجود له، كما قال: " وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون. فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين.
فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين. قال:
يا إبليس مالك ألا تكون مع الساجدين قال: لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون قال: فاخرج منها فإنك رجيم. وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين " استحق هذا من الله تعالى لأنه استلزم تنقصه لآدم وازدراءه به وترفعه عليه مخالفة الامر الإلهي، ومعاندة الحق في النص على آدم على التعيين.
وشرع في الاعتذار بما لا يجدى عنه شيئا، وكان اعتذاره أشد من ذنبه كما قال تعالى في سورة سبحان: " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا؟ قال أرأيتك هذا الذي كرمت على لئن أخرتني إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا. قال اذهب فمن تبعك