وذلك أن نوحا عليه السلام لما يئس من صلاحهم وفلاحهم، ورأى أنهم لا خير فيهم، وتوصلوا إلى أذيته ومخالفته وتكذيبه بكل طريق، من فعال ومقال، دعا عليهم دعوة غضب [الله عليهم (1)] فلبى الله دعوته وأجاب طلبته قال الله تعالى: " ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون * ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ". وقال تعالى: " ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ". وقال تعالى " قال رب إن قوم كذبون * فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين " وقال تعالى: " فدعا ربه أنى مغلوب فانتصر " وقال تعالى: " قال رب انصرني بما كذبون ". وقال تعالى: " مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا * فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا * وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ".
فاجتمع عليهم خطاياهم من كفرهم وفجورهم ودعوة نبيهم عليهم.
فعند ذلك أمره الله تعالى أن يصنع الفلك، وهى السفينة العظيمة التي لم يكن لها نظير قبلها ولا يكون بعدها مثلها.
وقدم الله تعالى إليه أنه إذا جاء أمره، وحل بهم بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين، أنه لا يعاوده فيهم ولا يراجعه; فإنه لعله قد تدركه رقة على قومه عند معاينة العذاب النازل بهم، فإنه ليس الخبر كالمعاينة.
ولهذا قال: " ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون.