ولهذا لما سأل كفار قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرد عنه ضعفاء المؤمنين، كعمار وصهيب وبلال وخباب وأشباههم، نهاه الله عن ذلك، كما بيناه في سورتي الانعام والكهف.
" ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك " أي بل أنا عبد رسول، لا أعلم من علم الله إلا ما أعلمني به، ولا أقدر إلا على ما أقدرني عليه، ولا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله. " ولا أقول للذين تزدري أعينكم " يعنى من أتباعه " لن يؤتيهم الله خيرا، الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين " أي لا اشهد عليهم بأنهم لا خير لهم عند الله يوم القيامة، الله أعلم بهم وسيجازيهم على ما في نفوسهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر، كما قالوا في المواضع الاخر: " أنؤمن لك واتبعك الأرذلون * قال وما علمي بما كانوا يعملون * إن حسابهم إلا على ربى لو تشعرون * وما أنا بطارد المؤمنين * إن أنا إلا نذير مبين ".
* * * وقد تطاول الزمان والمجادلة بينه وبينهم كما قال تعالى: " فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون " أي ومع هذه المدة الطويلة فما آمن به إلا القليل منهم.
وكان كلما انقرض جيل وصوا من بعدهم بعدم الايمان به ومحاربته ومخالفته. وكان الوالد إذا بلغ ولده وعقل عنه كلامه، وصاه فيما بينه وبينه، ألا يؤمن بنوح أبدا ما عاش ودائما ما بقى.