وقول كفرة قوم نوح له ولمن آمن به: " وما نرى لكم علينا من فضل " أي لم يظهر لكم أمر بعد اتصافكم بالايمان ولا مرية علينا " بل نظنكم كاذبين * قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربى وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ".
وهذا تلطف في الخطاب معهم: وترفق بهم في الدعوة إلى الحق، كما قال تعالى: " فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى (1) " وقال تعالى:
" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن (2) " وهذا منه.
يقول لهم: " أرأيتهم إن كنت على بينة من ربى وآتاني رحمة من عنده " أي النبوة والرسالة، " فعميت عليكم " أي فلم تفهموها ولم تهتدوا إليها، " أنلزمكموها " أي أنغصبكم بها ونجبركم عليها؟
" وأنتم لها كارهون " أي ليس لي فيكم حيلة والحالة هذه. " ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجرى إلا على الله " أي لست أريد منكم أجرة على ابلاغي إياكم ما ينفعكم في دنيا كم وأخراكم، إن أطلب ذلك إلا من الله الذي ثوابه خير لي، وأبقى مما تعطونني أنتم.
وقوله: " وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم، ولكني أراكم قوما تجهلون " كأنهم طلبوا منه أن يبعد هؤلاء عنه، ووعدوه أن يجتمعوا به إذا هو فعل ذلك، فأبى عليهم ذلك وقال: " إنهم ملاقوا ربهم " أي فأخاف إن طردتهم أفلا تذكرون.