معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول (ع) - الزرندي الشافعي - الصفحة ١٣٨
يساره فقير، فجاء بعض الأغنياء فأقعده بين يديه فقال له: (يا هذا هؤلاء فقراء الله عز وجل ولا عيب بالرعية أن تقعد بين يدي سلطانه).
ويروى أنه مرض له ابن فجزع عليه جزعا شديدا، فلما توفى سلا عنه، فقيل له في ذلك.
فقال: (إنا قوم نطيع الله فيما أحب، ونسأله ما يحب، فإذا فعل ما يحب فيما نكره رضينا) (1).
ومن وصاياه لابنه موسى الكاظم (عليه السلام): (يا بني: إقبل وصيتي واحفظ مقالتي، فإنك إن حفظتها تعش سعيدا وتمت حميدا يا بني: إنه من قنع بما قسم الله له استغنى، ومن مد عينه إلى ما في يد غيره مات فقيرا، ومن لم يرض بما قسم الله له اتهم الله في قضائه، ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه يا بني: من كشف حجاب غيره انكشفت عورات نفسه، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن احتفر لأخيه بئرا سقط فيها. يا بني: ومن داخل السفهاء حقر، ومن خالط العلماء وقر، ومن دخل مداخل السوء أتهم. يا بني: إياك أن تزري بالرجال فيزرى بك، وإياك والدخول فيما لا يعنيك فتذل. يا بني: قل الحق وإن كان لك أو عليك، يا بني: كن لكتاب الله تاليا، وللإسلام وبالمعروف آمرا وعن المنكر ناهيا، ولمن قطعك واصلا، ولمن سكت عنك مبتديا، ولمن سألك معطيا، وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في القلوب، وإياك والتعرض لعيوب الناس فمنزلة التعرض لعيوب الناس كمنزلة الهدف يا بني: إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه، فإن للجود معادن، وللمعادن أصولا، وللأصول فروعا، وللفروع ثمرا، ولا يطيب ثمر إلا بفروع، ولا فرع إلا بأصل، ولا أصل ثابت إلا بمعدن طيب يا بني: إذا زرت فزر الأخيار ولا تزر الفجار، فإنهم صخرة لا يتفجر ماؤها، وشجرة لا يخضر ورقها، وأرض لا يظهر عشبها).

(1) حلية الأولياء 3: 187، التذكرة الحمدونية 109: 214، وقريب منه مر في كلام علي بن الحسين السجاد.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 141 143 144 145 ... » »»