أهل بيتك إلى غير هذا أحوج منهم إلى هذا، تجئ إلى قوم شباب محتاجين فتدس إليهم، فلعل أحدهم أن يتكلم بكلمة يستحل بها سفك دمه، فلو بررتهم ووصلتهم وأقلتهم وأعنتهم كانوا إلى هذا أحوج مما تريد منهم.
قال: فلما أتيت أبا الدوانيق قلت له: جئتك من عند ساحر كان من أمره كذا وكذا. فقال: صدق والله، لقد كانوا إلى غير هذا أحوج، إياك أن يسمع هذا الكلام انسان (1).
ولقد قال أبو بصير: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ما فعل أبو حمزة؟ قلت: خلفته صالحا. قال: إذا رجعت إليه فاقرأه السلام وأعلمه أنه يموت يوم كذا من شهر كذا.
فقلت: كان فيه انس وكان من شيعتكم فقال: نعم إن الرجل من شيعتنا إذا خاف الله وراقبه وتوقى الذنوب كان معنا في درجتنا.
قال أبو بصير: فرجعت، فما لبث أبو حمزة أن مات في تلك الساعة في ذلك اليوم (2).
قال أبو الخير المبارك بن سرور بن نجا الواعظ، قال: أخبرنا القاضي أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد المعروف بن المغازلي، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الصمد بن القاسم الهاشمي، قال: حدثنا أبو الحسين بن محمد المعروف بابن الكاتب البغدادي، قال: حدثنا علي بن محمد البصري، عن أبي علامة الفارض بمصر، قال: حدثني عبد الله بن وهب، قال: سمعت الليث بن سعد يقول:
حججت سنة عشر ومائة، فطفت بالبيت وسعيت بين الصفا والمروة، وأتيت أبا قبيس فوجدت رجلا يدعو وهو يقول: يا رب يا رب حتى انطفأ نفسه، ثم قال:
يا الله يا الله حتى انطفأ نفسه، ثم قال: يا حي يا قيوم حتى انطفأ نفسه، ثم قال: اللهم إن بردي قد أخلقا فألبسني واكسني وإني جائع فأطعمني. فما شعرت إلا بسلة فيها عنب لا عجم فيه وبرداوان ملقاوان، فخرجت وجلست لآكل معه فقال: من تكون؟