قال بختريا الخياط (1): كنت قاعدا مع قطري بن خليفة (2) فجاء ابن الملاح فجلس ينظر إلي، فقال لي قطري: تحدث إن أردت فليس عليك بأس.
فقال ابن الملاح: أخبرك بأعجوبة رأيتها من ابن البكرية - يعني الصادق (عليه السلام) - قال ما هو؟ قال: كنت قاعدا وحدي أحدثه ويحدثني إذ ضرب بيده إلى ناحبة المسجد شبه المتفكر ثم استرجع فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. قلت: مالك؟ قال:
قتل عمي زيد الساعة. ثم نهض فذهب.
فكتبت قوله في تلك الساعة وفي ذلك اليوم وفي ذلك الشهر، ثم أقبلت إلى العراق فلما كنت في الطريق استقبلني راكب فقال: قتل زيد بن علي في يوم كذا في ساعة كذا، على ما قال أبو عبد الله (عليه السلام).
فقال قطري بن خليفة: إن عند هذا الرجل علما جما (3).
وقال بشير النبال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ استأذن عليه رجل ثم دخل فجلس، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): ما أنقى ثيابك هذه وألينها! قال: هي لباس بلادنا.
ثم قال: جئتك بهدية، فدخل غلام ومعه جراب فيه ثياب فوضعه، ثم تحدث ساعة، ثم قام.
فقال أبو عبد الله: إن بلغ الوقت وصدق الوصف فهو صاحب الرايات السود من خراسان يتقعقع (4).
ثم قال لغلام قائم على رأسه: ألحقه فسله ما اسمك؟
فقال: عبد الرحمن.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): عبد الرحمن والله - ثلاث مرات - هو هو ورب الكعبة.
قال بشير: فلما قدم أبو مسلم جئت حتى دخلت عليه، فإذا هو الرجل الذي دخل علينا (5).