وبعث إليه ملكا معه مرزبة من حديد فضربه ضربة فما كانت إلا صيحة، فسألنا الخدم فقالوا: صاح في فراشه صيحة، فدنونا منه فإذا هو ميت (1).
وقال الوليد بن صبيح: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) ليلة إذ طرق الباب طارق، فقال للجارية: انظري من هذا؟ فخرجت ثم دخلت، فقالت: هذا عمك عبد الله بن عبد الله بن علي. فقال: ادخليه. وقال لنا: ادخلوا البيت. فدخلنا فسمعنا منه حسا ظننا أن الداخل بعض نسائه، فلصق بعضنا ببعض.
فلما دخل أقبل على أبي عبد الله فلم يدع شيئا من القبيح إلا قاله في أبي عبد الله (عليه السلام)، ثم خرج وخرجنا، فأقبل يحدثنا من الموضع الذي قطع كلامه.
فقال بعضنا: لقد استقبلك هذا بشئ ما ظننا أن أحدا يستقبل أحدا مثله، حتى لقد هم بعضنا أن يخرج إليه فيوقع به. فقال: مه لا تدخلوا فيما بيننا.
فلما مضى من الليل ما مضى طرق الباب طارق فقال للجارية انظري من هذا؟ فخرجت ثم عادت فقالت: هذا عمك عبد الله بن علي: فقال لنا: عودوا إلى موضعكم. ثم أذن له، فدخل بشهيق ونحيب وبكاء وهو يقول: يا بن أخي اغفر لي غفر الله لك اصفح عني صفح الله عنك، وهو يقول له: غفر الله لك ما أحوجك إلى هذا يا عم.
قال: إني لما آويت إلى فراشي أتاني رجلان أسودان غليظان فشداني وثاقا، ثم قال أحدهما للآخر: انطلق به إلى النار، فانطلق بي فمررت برسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله أما ترى ما يفعل بي؟ قال: أولست الذي أسمعت ابني ما أسمعت! فقلت: يا رسول الله لا أعود، فأمره فخلى عني، وأنى لأجد ألم الوثاق.
فقال أبو عبد الله: أوص فقال: بما أوصي فما لي من مال، وأن لي عيالا وعلي دين. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): دينك علي وعيالك إلي فأوصى، فما خرجنا من المدينة حتى مات، وضم أبو عبد الله (عليه السلام) عياله إليه، وقضى دينه، وزوج ابنه بابنته (2).