وقال صفوان الجمال: كنت بالحيرة مع أبي عبد الله (عليه السلام) إذ أقبل إليه الربيع وقال له: أجب أمير المؤمنين، فلم يلبث أن عاد. فقلت: لقد أسرعت الانصراف؟
فقال: إنه سألني عن شئ فسأل الربيع عنه. قال صفوان: وكان بيني وبين الربيع لطف، فخرجت إلى الربيع وسألته. فقال: أخبرك بالعجب ان الأعراب خرجوا يجنون الكمأة فأصابوا في البر خلقا ملقى فأتوني به، فأدخلته على الخليفة، فلما رآه قال: نحه وادع جعفرا، فدعوته، فقال له: يا أبا عبد الله أخبرني عن الهواء ما فيه؟ قال: في الهواء موج مكفوف. قال: ففيه سكان؟ قال: نعم. قال: وما سكانه؟
قال: خلق أبدانهم أبدان الحيتان ورؤوسهم رؤوس الطير، ولهم أعرف كأعرفة الديكة ونغانغ كنغانغ الديكة وأجنحة كأجنحة الطير من ألوان أشد بياضا من الفضة المجلوة. فقال الخليفة: هلم الطست. فجئت بها وفيها ذلك الخلق، وإذا هو والله كما وصف جعفر.
فلما خرج جعفر قال المنصور: يا ربيع هذا الشجى المعترض في حلقي من أعلم الناس (1).
وقال المهاجر بن عمار الخزاعي: بعثني أبو الدوانيق إلى المدينة وبعث معي بمال كثير وأمرني أن أتضرع لأهل هذا البيت وأتحفظ مقالتهم. قال: فلزمت الزاوية التي تلي القبر، فلم أكن أتنحى منها في وقت صلاة في ليل ولا نهار.
قال: وأقبلت أطرح إلى السؤال الذين حول القبر الدراهم ومن هو فوقهم الشئ بعد الشئ حتى ناولت شبانا من بني الحسن ومشيخة حتى ألفوني وألفتهم في السر.
قال: وكنت كلما دنوت من أبي عبد الله يلاطفني ويكرمني حتى إذا كان يوما من الأيام بعدما نلت حاجتي ممن كنت أريد من بني الحسن وغيرهم دنوت من أبي عبد الله وهو يصلي، فلما فرغ وقضى صلاته التفت إلي وقال: تعال يا مهاجر، ولم أكن أتسمى باسمي ولا أتكنى بكنيتي. فقال: قل لصاحبك يقول لك جعفر: كان