الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤٠٧
أم سلمة: أنا أم سلمة وهذه زينب وهذه فلانة وهذه فلانة. فقال رسول الله: هيئوا لابنتي وابن عمي في حجرتي بيتا. فقالت أم سلمة: في أي حجرة يا رسول الله؟
قال: في حجرتك. وأمر نساءه أن يزين فاطمة ويصلحن من شأنها.
قالت أم سلمة: فسألت فاطمة هل عندك طيب ادخرته لنفسك؟ قالت: نعم.
فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي فشممت منها رائحة ما شممت مثلها قط.
فقلت: ما هذا؟ قالت: كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيقول لي:
يا فاطمة هاتي الوسادة فاطرحيها لعمك، فأطرح له الوسادة فيجلس عليها، فإذا نهض سقط من بين ثيابه شئ فيأمرني بجمعه، فسأل علي رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك، فقال: هو عنبر يسقط من أجنحة جبرائيل.
قال علي: ثم قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي اصنع لأهلك طعاما فاضلا، ثم قال: من عندنا اللحم والخبز وعليك التمر والسمن. فاشتريت تمرا وسمنا فحسر رسول (صلى الله عليه وآله) عن ذراعه وجعل يشدخ التمر في السمن حتى اتخذه خبيصا (1)، وبعث إلينا كبشا سمينا فذبح وخبز لنا خبز كثير.
ثم قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): ادع من أحببت. فأتيت المسجد وهو مشحون بالصحابة، فأحييت أن أشخص قوما وأدع قوما ثم صعدت على ربوة وناديت:
أجيبوا إلى وليمة فاطمة فأقبل الناس إرسالا فاستحييت من كثرة الناس وقلة الطعام، فعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما تداخلني، فقال لي: يا علي إني سأدعو الله بالبركة.
قال علي: فأكل القوم عن آخرهم طعامي وشربوا من شرابي ودعوا لي بالبركة وصدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل ولم ينقص من الطعام شئ.
ثم دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالصحاف (2) فملئت ووجه بها إلى منازل أزواجه، ثم أخذ صحيفة وجعل فيها طعاما وقال: هذا لفاطمة وبعلها. فانطلقت فأتت بها وهي تسحب أذيالها وقد تصببت عرقا حياء من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعثرت، فقال

(1) الخبيص: الحلواء المخبوصة من التمر والسمن.
(2) الصحاف: جمع صحفة، القصعة الكبيرة.
(٤٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 ... » »»