وهذا القضاء الذي قضاه والحكم الذي أمضاه، والتأييد الذي أيده الله تعالى به فهداه إنما يعذب جناه، ويطرب معناه إذ كشف خفي سره ورفع عن وجهه سبل سره. وأنا الآن أكشفه وأوضحه وأصفه وأشرحه.
فأقول: لما خلق الله تعالى آدم (عليه السلام) وحيدا أراد لإحسانه إليه ولخفي حكمه فيه أن يجعل له زوجا من جنسه ويسكن كل واحد منهما إلى صاحبه. فلما نام آدم خلق الله تعالى من ضلعه القصير من جانبه الأيسر حواء، فانتبه فوجدها جالسة عنده كأحسن ما يكون من الصور، فلذلك صار الرجل ناقصا من جانبه الأيسر بضلع واحد والمرأة كاملة الأضلاع من الجانبين، فالأضلاع الكاملة أربعة وعشرون ضلعا في كل جانب اثني عشر فالرجل لذلك نقص منها ضلع واحد فأضلاعه من الجانب الأيمن اثني عشر ومن الجانب الأيسر أحد عشر (1).
وباعتبار هذه الحالة قيل للمرأة إنها ضلع أعوج، وقد صرح الحديث النبوي صلوات الله على مصدره فيما أسنده الأئمة الثقات والمسانيد الصحاح أنه قال:
(إن المرأة خلقت من ضلع أعوج لم تستقم لك على طريق فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن [ذهبت] (2) تقيمها كسرتها) (3) ولقد أحسن بعض