فسلك الحسين طريقا آخر راجعا إلى جهة الحجاز غير الجادة، وسار وأصحابه طول ليلتهم فلما أصبح الحسين (عليه السلام) وإذا قد ظهر الحر وجيشه فقال له الحسين (عليه السلام): (ما وراءك يا بن يزيد؟).
فقال: وافاني كتاب ابن زياد يؤنبني في أمرك وقد سير من هو معي، وهو عين علي ولا سبيل إلى مفارقتك أو نقدم بك عليه. وطال الكلام بينهما فرحل الحسين (عليه السلام) وأهله وأصحابه ونزلوا كربلاء يوم الأربعاء أو الخميس على ما قيل الثاني من المحرم، فقال (عليه السلام): (هذه كربلاء موضع كرب وبلا، هذا مناخ ركابنا، ومحط رحالنا، ومقتل رجالنا).
فنزل القوم وحطوا الأثقال، ونزل الحر بجيشه قبالة الحسين (عليه السلام)، ثم كتب إلى عبيد الله بنزول الحسين بأرض كربلاء، فكتب عبيد الله كتابا إلى الحسين (عليه السلام):
أما بعد، فقد بلغني يا حسين نزولك بكربلاء وقد كتب إلي يزيد بن معاوية أن لا أتوسد الوثير، ولا أشبع من الخمير، حتى ألحقك باللطيف الخبير، أو ترجع إلى حكمي وحكم يزيد بن معاوية والسلام.
فلما ورد الكتاب على الحسين (عليه السلام) وقرأه ألقاه من يده، وقال للرسول: (ما له عندي جواب).
فرجع الرسول فأخبر ابن زياد فاشتد غضبه، وجمع الناس وجهز العساكر وسير مقدمها عمر بن سعد - وكان قد ولاه الري وأعمالها وكتب له بها - فاستعفى من خروجه معه إلى قتال الحسين، فقال له ابن زياد: إما أن تخرج وإما تعيد إلينا كتابنا بتوليتك الري وأعمالها وتقعد في بيتك. فاختار ولاية الري، وطلع إلى قتال الحسين (عليه السلام) بالعسكر، فما زال عبيد الله يجهز مقدما ومعه طائفة من الناس إلى أن اجتمع عند عمر بن سعد اثنان وعشرون ألفا ما بين فارس وراجل.
وأول من خرج إلى عمر بن سعد الشمر بن ذي الجوشن السكوني في أربعة آلاف فارس، ثم زحفت خيل عمر بن سعد حتى نزلوا شاطئ الفرات، وحالوا بين