الأقتاب بغير وطاء ولا مهاد، هذا مع علمهم بأنها الذرية النبوية المسؤول لها المودة بصريح القرآن وصحيح الإعتقاد.
فلو نطقت السماء والأرض لرثت لها ورثتها، ولو اطلعت عليها مردة الكفرة لبكتها وندبتها، ولو حضرت مصرعها عتاة الجاهلية لأبكتها ونعتها، ولو شهدت وقعتها بغات الجبابرة لأعانتها (1) ونصرتها، فيالها مصيبة أنزلت الرزية بقلوب الموحدين فأورثتها، وبلية أحلت الكآبة بنفوس المؤمنين سلفا وخلفا فأحزنتها، فوا لهفتاه لذرية نبوية ظل دمها، وعترة محمدية فل مخذمها، وعصبة علوية خذلت فقتل مقدمها، وزمرة هاشمية استبيح حرمها واستحل محرمها، وأنا الآن افصل هذا الإجمال وأوضحه، وأبين تفصيله وأشرحه:
وهو أن الحسين (عليه السلام) سار (حتى صار على) (2) مرحلتين من الكوفة، فوافاه إنسان يقال له الحر بن يزيد الرياحي ومعه ألف فارس من أصحاب ابن زياد شاكين في السلاح، فقال للحسين (عليه السلام): إن الأمير عبيد الله بن زياد قد أمرني أن لا أفارقك أو أقدم بك عليه وأنا والله كاره أن يبتليني الله بشئ من أمرك، غير أني قد أخذت بيعة القوم.
فقال له الحسين (عليه السلام): (إني لم أقدم هذا البلد حتى أتتني كتب أهله وقدمت علي رسلهم يطلبونني وأنتم من أهل الكوفة فإن دمتم على بيعتكم (وقولكم في) (3) وكتبكم دخلت مصركم وإلا انصرفت من حيث أتيت).
فقال له الحر: والله ما أعلم هذه الكتب، ولا الرسل وأنا فما يمكنني الرجوع إلى الكوفة في وقتي هذا، فخذ طريقا غير هذا وارجع فيه حيث شئت، لأكتب إلى ابن زياد أن الحسين خالفني فلم أقدر عليه، وأنشدك الله في نفسك.