مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٤١٢
وكان من كلامه يقول: (عجبت للمتكبر الفخور الذي كان بالأمس نطفة ثم هو غدا جيفة، وعجبت كل العجب (لمن شك في الله وهو يرى خلقه، وعجبت كل العجب) (1) لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى، وعجبت كل العجب لمن عمل لدار الفناء وترك دار البقاء) (2).
وكان إذا أتاه السائل يقول: (مرحبا بمن يحمل زادي إلى الآخرة) (3).
ومنها: ما نقل عن ابن شهاب الزهري أنه قال: شهدت علي بن الحسين يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام، فأثقله حديدا ووكل به حفاظا في عدة وجمع، فاستأذنتهم في التسليم عليه والتوديع له فأذنوا لي، فدخلت عليه وهو في قبة والأقياد في رجليه والغل في يديه فبكيت وقلت: وددت أني في مكانك وأنت سالم.
فقال لي: (يا زهري أوتظن هذا مما ترى علي وفي عنقي مما يكربني، أما لو شئت ما كان وإنه إن بلغ بك ومن أمثالك غم (4) ليذكرون عذاب الله). ثم أخرج يده من الغل ورجليه من القيد ثم قال: (يا زهري لا جزت معهم على ذي منزلتين من المدينة).
فما لبثنا إلا أربع ليال حتى قدم الموكلون به يطلبونه بالمدينة فما وجدوه، فكنت فيمن سألهم عنه فقالوا لي: إنا نراه (5) متبوعا إنه لنازل ونحن حوله لا ننام نرصده إذ أصبحنا فما وجدنا بين محمله إلا حديده.
قال الزهري: فقدمت بعد ذلك على عبد الملك بن مروان فسألني عن علي

1 - أثبتناه من نسخة (ط).
2 - صفة الصفوة 2: 95، تذكرة الخواص: 326.
3 - صفة الصفوة 2: 95.
4 - في كشف الغمة: غمر.
5 - في نسخة (ع): أنزلناه.
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»