العاص (1) وجماعة كثيرين كلهم يشيرون عليه أن لا يتوجه إلى العراق وأن يقيم بمكة.
هذا كله والقضاء غالب على أمره، والقدر آخذ بزمامه، فلم يكترث بما قيل له ولا بما كتب إليه، وتجهز وخرج من مكة يوم الثلاثاء وهو يوم التروية الثامن من ذي الحجة، ومعه اثنان وثمانون رجلا من أهله وشيعته ومواليه (2)، فسار فلما وصل إلى الشقوق (3) وإذا هو بالفرزدق الشاعر وقد وافاه هنالك، فسلم عليه ودنا منه فقبل يده فقال له الحسين (عليه السلام): (من أين أقبلت يا أبا فراس؟).
فقال: من الكوفة.
فقال (عليه السلام): (وكيف تركت أهل الكوفة).
قال: خلفت قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية، وقد قل الديانون، والقضاء ينزل من السماء والله يفعل في خلقه ما يشاء. وجرى بينهما كلام تقدم ذكر طرف منه في آخر الفصل الثامن، ثم ودعه الفرزدق في نفر من أصحابه ومضى يريد الكوفة.
فقال له ابن عم له من بني مجاشع: يا أبا فراس هذا الحسين بن علي.
فقال له الفرزدق: نعم، هذا الحسين بن علي وابن فاطمة الزهراء بنت محمد