فيها قصاص ولا احكام حدود ولا فرض مواريث، وانزل عليه تخفيف ما كان نزل على موسى عليه السلام في التوراة، وهو قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام: انه قال لبني إسرائيل: ﴿و لأحل لكم بعض الذي حرم عليكم﴾ (1) وامر عيسى عليه السلام من معه ممن تبعه من المؤمنين ان يؤمنوا بشريعة التوراة وشرايع جميع النبيين والإنجيل.
قال: ومكث عيسى عليه السلام حتى بلغ سبع سنين أو ثمانيا، فجعل يخبرهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، فأقام بين أظهرهم يحيى الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص، ويعلمهم التوراة، وانزل الله تعالى عليه الإنجيل لما أراد ان يتخذ عليهم حجه.
وكان يبعث إلى الروم رجلا لا يداوى أحدا الا برئ من مرضه ويبرئ الأكمه و الأبرص، حتى ذكر ذلك لملكهم، فادخل عليه، فقال أتبرئ الأكمه والأبرص؟ قال: نعم، قال: فاتى بغلام منخسف الحدقة لم ير شيئا قط، فاخذ بندقتين فبندقهما، ثم جعلهما في عينيه ودعا فإذا هو بصير فأقعده الملك معه وقال: كن معي ولا تخرج من مصري، وانزله معه بأفضل المنازل.
ثم إن المسيح عليه السلام بعث آخر وعلمه ما به يحيى الموتى فدخل الروم وقال: انا اعلم من طبيب الملك، فقالوا للملك: ذلك، قال اقتلوه، فقال الطبيب: لا تقتله ادخله، فان عرفت خطاه قتلته ولك الحجة، فادخل عليه، فقال: انا أحيى الموتى، فركب الملك والناس إلى قبر ابن الملك مات (2) في تلك الأيام، فدعا رسول المسيح عليه السلام، وامن طبيب الملك الذي هو رسول المسيح عليه السلام أيضا الأول، فانشق القبر فخرج ابن الملك، ثم جاء يمشى حتى جلس في حجر أبيه فقال: يا بنى من أحياك؟ قال: فنظر، فقال: هذا وهذا فقاما وقالا: انا رسول (3) المسيح عليه السلام إليك وانك كنت لا تسمع من رسله انما تأمر بقتلهم إذا أتوك فتابع، و أعظموا امر المسيح عليه السلام حتى قال فيه أعداء الله ما قالوا، واليهود يكذبونه ويريدون