علي عليه السلام قال وكان لا يزال يجئ انسان فيقول: يا أمير المؤمنين ان القوم خارجون عليك، فيقول: دعوهم فانى لا أقاتلهم حتى يقاتلوني وسوف يفعلون، فلما كان ذات يوم أتيته قبل صلاة الظهر فقلت له: يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة (1) لعلى ادخل على هؤلاء القوم، فأكلمهم فقال: انى أخافهم عليك، فقلت: كلا وكنت رجلا " حسن الخلق لا أوذي أحدا " فأذن لي فلبست حلة من أحسن ما يكون من اليمنية وترجلت ودخلت عليهم نصف النهار فدخلت على قوم لم أر قوما " قط أشد منهم اجتهادا "، جباههم قرحة من السجود وأيديهم كأنها ثفن الإبل، وعليهم قمص مرخصة مشمرين، مهشمة وجوههم من السهر، فسلمت عليهم فقالوا مرحبا يا بن عباس، ما جاء بك قلت أتيتكم من عند المهاجرين والأنصار من عند صهر رسول الله صلى الله عليه وآله علي وعليهم نزل القرآن وهو أعلم بتأويله منكم، فقالت طائفة منهم لا تخاصموا قريشا " فان الله عز وجل قال: " بل هم قوم خصمون " (2) قال اثنان أو ثلاثة لنكلمنه، فقلت هاتوا ما نقمتم على صهر رسول الله صلى الله عليه وآله والمهاجرين والأنصار وعليهم نزل القرآن وليس فيكم منهم أحد وهم اعلم بتأويله منكم، قالوا ثلاثا "، قلت هاتوا، قالوا اما إحداهن فإنه حكم الرجال في امر الله وقد قال الله عز وجل: " إن الحكم إلا لله " (3) فما شأن الرجال والحكم بعد قول الله عز وجل، فقلت هذه واحدة، فما [الثانية]؟ قالوا اما الثانية فإنه قاتل ولم يسب ولم يغنم، فلئن كانوا مؤمنين ما حل لنا قتالهم وسباهم؟
فقلت: وماذا الثالثة؟ قالوا انه محا نفسه من أمير المؤمنين فان لم يكن أمير المؤمنين فإنه لأمير الكافرين، قلت هل عندكم غير هذا؟ قالوا كفانا هذا، قلت لهم: اما قولكم حكم الرجال في امر الله فانا اقرأ عليكم في كتاب الله عز وجل ما ينقض قولكم، أترجعون؟ قالوا: نعم، قلت فان الله قد