نعليه وحسر عن رأسه وذراعيه وقال: يا جابر بن عبد الله، أعطوا من دنياكم الفانية لآخرتكم الباقية، ومن حياتكم لموتكم، ومن صحتكم لسقمكم، ومن غناكم لفقركم، اليوم في الدور، وغدا " في القبور، والى الله تصير الأمور، ثم أنشأ يقول:
سلام على أهل القبور الدوارس * كأنهم لم يجلسوا في المجالس ولم يشربوا من بارد الماء شربة * ولم يأكلوا من كل رطب ويابس 389 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد، أخبرنا أبو على الحسين بن صفوان، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، حدثني علي بن الحسين بن عبد الله، عن (1) عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي، أخبرنا رجل من بني شيبان، ان علي بن أبي طالب عليه السلام خطب فقال:
الحمد لله أحمده وأستعينه وأومن به وأتوكل عليه وأشهد ان لا إله إلا الله، وحده لا شريك له وأن محمدا " عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليزيح به علتكم ويوقظ به غفلتكم، واعلموا انكم ميتون ومبعوثون من بعد الموت، وموفون على أعمالكم ومجزيون فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور، فإنها دار بالبلاء محفوفة وبالفناء معروفة وبالغدر موصوفة، وكل ما فيها إلى زوال وهي بين أهلها دول وسجال لا تدوم أحوالها ولن يسلم من شرها نزالها بينا أهلها منها في رخاء وسرور إذا هم منها في بلاء وغرور أحوال مختلفة وتارات متصرفة، العيش فيها مذموم والرخاء فيها لا يدوم وإنما أهلها فيها اغراض مستهدفة ترميهم بسهامها وتقصمهم بحمامها (2) وكل حتفه فيها مقدور وحظه فيها موفور واعلموا عباد الله انكم وما أنتم فيه من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى ممن كانوا أطول منكم أعمارا وأشد منكم