نسيت، فلن أسل عليك سيفا فأدبر، فقال له عبد الله ابنه: ما هذا الذي ذكر لك علي؟ قال: ذكرني شيئا كنت قد نسيته، فقال: بعد ما أخرجت القوم تتركهم وتذهب، قال أبو بشر: فرد عليهم ما كان في العسكر حتى القدر.
وروى أن ابنه عبد الله وبخه بتركه القتال وقال: لعلك رأيت الموت الأحمر تحت رايات ابن أبي طالب عليه السلام، لقد فضحتنا فضيحة لا نغسل منها رؤوسنا أبدا "، فغضب الزبير من ذلك وصاح بفرسه وحمل على أصحاب علي عليه السلام حملة منكرة، فقال علي لأصحابه: فرجوا له فإنه محرج، فأوسعوا له، فشق الصفوف حتى خرج منها، ثم رجع فشقها ثانية، ولم يطعن أحدا " ولم يضرب، ثم رجع إلى ابنه فقال: هذه حملة جبان؟ فقال له ابنه عبد الله: فلم تنصرف عنا الآن وقد التقت حلقتا البطان؟ فقال الزبير: يا بني ارجع والله لأخبار كان النبي صلى الله عليه وآله عهدها إلي فأنسيتها حتى أذكرنيها علي فعرفتها قال: ثم خرج الزبير من عسكرهم تائبا " مما كان فيه وهو ينشد ويقول:
ترك الأمور التي تخشى عواقبها * لله أجمل في الدنيا وفي الدين نادى علي بأمر لست أنكره * قد كان عمر أبيك الخير مذ حين فاخترت عارا " على نار مؤججة * أنى بقوم لها خلق من الطين أخال طلحة وسط القوم منجدلا * ركن الضعيف ومأوى كل مسكين قد كنت أنصر أحيانا وينصرني * في النائبات ويرمى من يراميني حتى ابتلينا بأمر ضاق مصدره * فأصبح اليوم ما يعنيه يعنيني قال ثم مضى الزبير منفردا " وتبعه خمسة من الفرسان، فحمل عليهم وفرقهم وفرق جمعهم، ومضى حتى إذا صار إلى واد السباع (1)، فنزل على قوم