ولقد ورد على السلطان وأصحابه في وقت وفاة الحسن ابن علي ما تعجبت منه وما ظننت أنه يكون وذلك أنه لما اعتل بعث إلى أبي:
أن ابن الرضا قد اعتل، فركب من ساعته فبادر إلى دار الخلافة ثم رجع مستعجلا ومعه خمسة من خدم أمير المؤمنين كلهم من ثقاته وخاصته فيهم نحرير، وأمرهم بلزوم دار الحسن، وتعرف خبره وحاله، وبعث إلى نفر من المتطببين وأمرهم بالاختلاف إليه وتعاهده صباحا ومساء.
فلما كان بعد يومين أو ثلاثة أخبر أنه ضعف، فامر المتطببين بلزوم داره، وبعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه وأمره أن يختار عشرة ممن يوثق بهم، وبعث بهم إلى دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلا ونهارا، فلم يزالوا هناك حتى توفي عليه السلام، فلما ذاع خبر وفاته صارت سر من رأى ضجة واحدة، وعطلت الأسواق، وركب بنو هاشم والقواد وسائر الناس إلى جنازته، فكانت سر من رأى يومئذ شبيها بالقيامة.
فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكل فأمره بالصلاة عليه، فلما وضعت الجنازة للصلاة دنا أبو عيسى منه فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية، وعلى القواد والكتاب والقضاة والمعدلين فقال: هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا مات حتف أنفه، على فراشه، وحضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان، ومن المتطببين فلان وفلان، ومن القضاة فلان وفلان، ثم غطى وجهه وصلى عليه وأمر بحمله.
فلما دفن جاء جعفر بن علي إلى أبي فقال له: اجعل لي مرتبة أخي وأنا أوصل إليك في كل سنة عشرين ألف دينار، فزبره أبي وأسمعه ما كره وقال له: يا أحمق، إن السلطان جرد سيفه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة ليردهم عن ذلك فلم يتهيأ له ذلك، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماما