تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٨٨
قلنا: ليس هذا التأويل بمانع من مطابقة الرؤيا المتقدمة في المعنى دون الصورة، لأنه (ع) لما رأى سجود الكواكب والقمرين له كان تأويل ذلك بلوغه أرفع المنازل وأعلى الدرجات ونيله أمانيه وأغراضه، فلما اجتمع مع أبويه ورأياه في الحال الرفيعة العالية ونال ما كان يتمناه من اجتماع الشمل، كان ذلك مصدقا لرؤياه المتقدمة. فلذلك قال: (هذا تأويل رؤياي من قبل). فلا بد لمن ذهب إلى أنهم سجدوا له على الحقيقة من أن يجعل ذلك مطابقا للرؤيا المتقدمة في المعنى دون الصورة، لأنه ما كان رأى في منامه أن إخوته وأبويه سجدوا له، ولا رأى في يقظته الكواكب تسجد له. فقد صح أن التطابق في المعنى دون الصورة.
ومنها: أن يكون السجود لله تعالى، غير أنه كان إلى جهة يوسف (ع) ونحوه، كما يقال: صلى فلان إلى القبلة وللقبلة. وهذا لا يخرج يوسف (ع) من التعظيم، ألا ترى أن القبلة معظمة وإن كان السجود لله تعالى نحوها.
ومنها: أن السجود ليس يكون بمجرده عبادة حتى يضاف إليه من الأفعال ما يكون عبادة، فلا يمتنع أن يكون سجدوا له على سبيل التحية والاعظام والاكرام، ولا يكون ذلك منكرا لأنه لم يقع على وجه العبادة التي يختص بها القديم تعالى وكل هذا واضح.
تنزيه يوسف (ع) عن طاعة الشيطان:
(مسألة): فإن قيل: فما معنى قوله تعالى حكاية عنه (ع) من بعد أن نزغ الشيطان (1) بيني وبين أخوتي، وهذا يقتضي أن يكون قد أطاع الشيطان ونفذ فيه كيده ونزغه؟.

(1) نزع الشيطان بينهم: أغرى بعضهم على بعض.
(٨٨)
مفاتيح البحث: السجود (5)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست