تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٦٦
الكلام على لفظه لنصب المعطوف به أو امثله هذا المعنى كثير. وفيما ذكرناه كفاية بمشيئة الله تعالى.
تنزيه سيدنا محمد عن المعاتبة في أمر الأعمى:
(مسألة): فإن قيل: أليس قد عاتب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله في إعراضه عن ابن أم مكتوم لما جاءه واقبل على غيره بقوله: ﴿عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى﴾ (1). وهذا أيسر ما فيه ان يكون صغيرا.
(الجواب): قلنا: أما ظاهر الآية فغير دال على توجهها إلى النبي صلى الله عليه وآله ولا فيها ما يدل على أنه خطاب له، بل هي خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه. وفيها ما يدل عند التأمل على أن المعني بها غير النبي صلى الله عليه وآله لأنه وصفه بالعبوس وليس هذا من صفات النبي صلى الله عليه وآله في قرآن ولا خبر مع الاعداء المنابذين، فضلا عن المؤمنين المسترشدين. ثم وصفه بأنه يتصدى للأغنياء ويتلهى عن الفقراء، وهذا مما لا يوصف به نبينا عليه السلام من يعرفه، فليس هذا مشبها مع أخلاقه الواسعة وتحننه على قومه وتعطفه، وكيف يقول له وما عليك الا يزكى وهو صلى الله عليه وآله مبعوث للدعاء والتنبيه، وكيف لا يكون ذلك عليه. وكان هذا القول اغراء بترك الحرص على ايمان قومه. وقد قيل إن هذه السورة نزلت في رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان منه هذا الفعل المنعوت فيها، ونحن وان شككنا في عين من نزلت فيه فلا ينبغي ان نشك إلى أنها لم يعن بها النبي، واي تنفير أبلغ من العبوس في وجوه المؤمنين والتلهي عنهم والاقبال على الأغنياء الكافرين والتصدي لهم، وقد نزه الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله عما هو دون هذا في التنفير بكثير.

(١) عبس ١ - 4
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست