تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٦٢
قلنا: عن هذا السؤال جوابان: أحدهما انه تعالى لما بشره بأنه يعلي دينه على الدين كله ويظهره عليه ويشفى صلى الله عليه وآله من أعدائه وغيظه، وغيظ المؤمنين به، كان بذلك وضعا عنه ثقل غمه بما كان يلحقه من قومه، ومطيبا لنفسه ومبدلا عسره يسرا، لأنه يثق بأن وعد الله تعالى حق ما يخلف، فامتن الله تعالى عليه بنعمة سبقت الامتنان وتقدمته.
والجواب الآخر: ان يكون اللفظ وإن كان ظاهره الماضي، فالمراد به الاستقبال. ولهذا نظائر كثيرة في القرآن والاستعمال. قال الله تعالى:
(ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة) وقوله تعالى: (ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك)، إلى غير ذلك مما شهرته تغني عن ذكره.
تنزيه سيدنا محمد عن الذنب:
(مسألة): فإن قيل: فما معنى قوله تعالى: ﴿ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر﴾ (1) أوليس هذا صريحا في أن له صلى الله عليه وآله ذنوبا وان كانت مغفورة.
(الجواب): قلنا أما من نفى عنه صلى الله عليه وآله صغائر الذنوب مضافا إلى كبائرها، فله عن هذه الآية أجوبة نحن نذكرها ونبين صحيحها من سقيمها.
منها: انه أراد تعالى بإضافة الذنب إليه ذنب أبيه آدم عليه السلام.
وحسنت هذه الإضافة لاتصال القربى، وعفوه لذلك، من حيث اقسم آدم على الله تعالى به، فأبر قسمه، فهذا المتقدم. والذنب المتأخر هو ذنب شيعته وشيعة أخيه عليه السلام. وهذا الجواب يعترضه ان صاحبه نفى عن نبي ذنبا واضافه إلى آخر. والسؤال عليه فيمن اضافه إليه كالسؤال فيمن نفاه عنه.

(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست