تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٥١
للرجل الذي لا يهتدي طريق معيشته ووجه مكسبه: هو ضال لا يدري ما يصنع ولا أين يذهب. فامتن الله تعالى عليه بأن رزقه وأغناه وكفاه.
(وثالثها): أن يكون أراد ووجدك ضالا بين مكة والمدينة عند الهجرة فهداك وسلمك من أعدائك. وهذا الوجه قريب لولا أن السورة مكية وهي متقدمة للهجرة إلى المدينة، اللهم إلا أن يحمل قوله تعالى " ووجدك " على أنه سيجدك على مذهب العرب في حمل الماضي على معنى المستقبل فيكون له وجه.
(ورابعها): أن يكون أراد بقوله " ووجدك ضالا فهدى " أي مضلولا عنه في قوم لا يعرفون حقك فهداهم إلى معرفتك وأرشدهم إلى فضلك.
وهذا له نظير في الاستعمال. يقال: فلان ضال في قومه وبين أهله إذا كان مضلولا عنه.
(وخامسها): أنه روي في قراءة هذه الآية الرفع " ألم يجدك يتيم فآوى ووجدك ضال فهدى " على أن اليتيم وجده وكذلك الضال، وهذا الوجه ضعيف لأن القراءة غير معروفة، ولأن هذا الكلام يسمج ويفسد أكثر معانيه.
تنزيه سيدنا محمد (ع) عن مدح آلهة قريش:
(مسألة): فإن قال فما معنى قوله تعالى: ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم﴾ (1) أوليس قد روي في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما رأى تولي قومه عنه شق عليه ما هم عليه من المباعدة والمنافرة، وتمنى في نفسه أن يأتيه من الله تعالى ما يقارب بينه وبينهم، وتمكن حب ذلك في قلبه، فلما أنزل الله تعالى عليه (والنجم إذا

(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست