على سبيل الاغتمام لما فاته من الطاعة، وهذا الوجه أيضا لا يقتضي إضافة قبيح إليه (ع) لأن ترك النافلة ليس بقبيح ولا معصية.
وأما قوله تعالى: فطفق مسحا بالسوق والأعناق فقد قيل فيه وجوه:
منها: أنه عرقبها ومسح أعناقها وسوقها بالسيف من حيث شغلته عن الطاعة، ولم يكن ذلك على سبيل العقوبة لها لكن حتى لا يتشاغل في المستقبل بها عن الطاعات، لأن للانسان أن يذبح فرسه لأكل لحمها، فكيف إذا انضاف إلى ذلك وجه آخر يحسنه. وقد قيل أنه يجوز أن يكون لما كانت الخيل أعز ما له عليه أراد أن يكفر عن تفريطه في النافلة فذبحها وتصدق بلحمها على المساكين. قالوا فلما رأى حسن الخيل راقته وأعجبته، أراد أن يقترب إلى الله تعالى بالمعجب له الرائق في عينه، ويشهد بصحة هذا المذهب قوله تعالى: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾ (1) فأما أبو مسلم فإنه ضعف هذا الوجه وقال: لم يجر للسيف ذكر فيضاف إليه المسح، ولا يسمى العرب الضرب بالسيف والقطع به مسحا، قال فإن ذهب ذاهب إلى قول الشاعر:
مدمن يجلو بأطراف الذرى * دنس الأسوق بالعضب الأفل فإن هذا الشاعر يعني أنه عرقب الإبل للأضياف فمسح بأسنمتها ما صار على سيفه من دنس عراقبها وهو الدم الذي أصابه منها، وليس في الآية ما يوجب ذلك ولا ما يقاربه، وليس الذي أنكره أبو مسلم بمنكر لأن أكثر أهل التأويل وفيهم من يشار إليه في اللغة، روى أن المسح ههنا هو القطع وفي الاستعمال المعروف: مسحه بالسيف إذا قطعه وبتره. والعرب تقول مسح علاوتها أي ضربها.
ومنها: أن يكون معنى مسحها هو أنه أمر يده عليها صيانة لها وإكراما