تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١١١
السلام ربه وقال: رب إنك آتيتهم هذه الأموال والزينة في الحياة الدنيا على طريق العذاب ولتضلهم في الآخرة عن سبيلك التي هي سبيل الجنة وتدخلهم النار بكفرهم، ثم سأله أن يطمس على أموالهم بأن يسلبهم إياها ليزيد ذلك في حسرتهم وعذابهم ومكروههم، ويشد على قلوبهم بأن يميتهم على هذه الحال المكروهة. وهذا جواب قريب من الصواب والسداد.
تنزيه موسى عن سؤال الرؤية لنفسه:
(مسألة): فإن قيل: فما الوجه في قوله تعالى: ﴿ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني﴾ (1) أوليس هذه الآية تدل على جواز الرؤية عليه تعالى لأنها لو لم تجز لم يسغ أن يسألها موسى (ع) كما يجوز أن يسأله اتخاذ الصاحبة والولد؟.
(الجواب): قلنا: أولى ما أجيب به عن هذه الآية أن يكون موسى عليه السلام لم يسأل الرؤية لنفسه، وإنما سألها لقومه. فقد روي أن قومه طلبوا ذلك منه، فأجابهم بأن الرؤية لا تجوز عليه تعالى. فلجوا به وألحوا عليه في أن يسأل الله تعالى أن يريهم نفسه، وغلب في ظنه أن الجواب إذا ورد من جهته جلت عظمته كان أحسم للشبهة وأنفى لها، فاختار السبعين الذين حضروا للميقات لتكون المسألة بمحضر منهم، فيعرفوا ما يرد من الجواب، فسئل عليه السلام على ما نطق به القرآن، وأجيب بما يدل على أن الرؤية لا يجوز عليه عز وجل.
ويقوي هذا الجواب أمور:
منها: قوله تعالى: (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) (2).

(١) الأعراف ١٤٣ (2) النساء 153
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست