تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١١٨
عليه السلام: لا تأخذ بلحيتي، ولا برأسي لتبشرني بما تريده بين أيدي هؤلاء فيظنوا بك ما لا يجوز عليك ولا يليق بك والله تعالى أعلم بمراده من كلامه.
في قدرة موسى على الصبر وتنزيهه عن النسيان:
(مسألة) فإن قيل: فما وجه قوله تعالى فيما حكاه عن موسى عليه السلام والعالم الذي كان صحبه وقيل إنه الخضر عليه السلام من الآيات التي ابتداؤها: ﴿فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا قال ستجدني إنشاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا﴾ (1) إلى آخر الآيات المتضمنة لهذه القصة. وأول ما تسألون عنه في هذه الآيات أن يقال لكم كيف يجوز أن يتبع موسى عليه السلام غيره ويتعلم منه، وعندكم أن النبي (ع) لا يجوز أن يفتقر إلى غيره؟
وكيف يجوز أن يقول له إنك لن تستطيع معي صبرا والاستطاعة عندكم هي القدرة وقد كان موسى عل مذهبكم قادرا على الصبر؟ وكيف قال موسى ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا فاستثنى المشيئة في الصبر وأطلق فيما ضمنه من طاعته واجتناب معصيته؟ وكيف قال لقد جئت شيئا أمرا وشيئا نكرا وما أتى العالم منكرا في الحقيقة؟ وما معنى قوله لا تؤاخذني بما نسيت وعندكم أن النسيان لا يجوز على الأنبياء عليهم السلام؟ ولم نعت موسى (ع) النفس بأنها زكية ولم تكن كذلك على الحقيقة؟ ولم قال في الغلام: (فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا) (2) فإن كان الذي خشية الله تعالى على ما ظنه قوم، فالخشية لا يجوز عليه تعالى؟ وإن كان هو

(١) الكهف ٦٥ - 70 (2) الكهف 80
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست