كان من ذلك العلم بأن قوله فعلي مولاه بعدما تقدم من أخذه إقرارهم بأنه مولاهم مع قوله: فمن كنت مولاه. نص على علي بن أبي طالب (ع م) بأنه ولي المؤمنين والقائم بأمر دينهم، والآمر والناهي فيهم، إذ قد أجراه مجرى نفسه فيما كان له من الولاية على المؤمنين، وإنما أردف قوله: فعلي مولاه، من قوله ودعائه (اللهم والي من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) تأكيدا لامره إذ لو لم يكن قد جعل أمر الدين موكولا إليه، ولا كان معصوما لا يزل، ولا يخطئ فيما اعتمد فيه عليه، حتى يكون من يخالفه ولا ينصره ويخذله، ولا يتبع أمره عاصيا مستحقا لما دعي عليه من الخذلان.
وعداوة الله تعالى له، لكان مع جواز التوهم فيه ما يستحق به معاداته، ويستوجب لأجله خذلانه من المناكير مثل هذا الدعاء من النبي (ص) له محالا، لكونه ظالما لمن يخذله ويعاديه، لارتكابه ما كان جائزا التوهم فيه لو فعل، ولكان لا يدعو له بمثل ذلك كما لم يكن أحد من الصحابة يتعلق به من أمر الدين شئ، ولو لم يكن معصوما لم يدع له بمثل هذا التغليظ.
ولما كان هذا الدعاء بمثل ذلك لا يجب إلا لمن يكون معصوما، موكولا إليه أمر الدين بعده، حتى يستحق من عصاه ما دعا به عليه النبي (ص)، كان الدعاء له وعلى من خذله حرجا على الأمة في النكوس عن طاعته، وتضييقا عليه للقعود عن التزام إمامته، وتأكيدا للنص عليه بالإمامة بعده، بقوله (ص) (1) (فعلي مولاه). إذا علي ابن أبي طالب عليه السلام، المنصوص عليه في الإمامة هو الامام.