قد يقول لي أخي الدكتور العسكر إن العلماء يفرقون بين رواية الحديث ورواية التاريخ أقول: سآتي لهذه النقطة وبيان أنها ليست على إطلاقها والذين يزعمون أننا لو طبقنا منهج أهل الحديث على التاريخ فلن يبقى لنا إلا النزر اليسير أما أنهم لم يجربوا تطبيقه أو أنهم يسيئون فهمه أو يبالغون في التخويف منه أو يجهلونه، فليس منهج أهل الحديث خاصا بهم بل هو منهج يحدد مجال ومستوى وأسباب (القناعة) سواء في الحديث أو في التاريخ ولي تجارب (حديثية تطبيقية) على بعض (الحوادث التاريخية) فوجدت أن الذي ينقصنا هو (جمع المادة) فقط فإذا جمعت المادة شهد بعض الأسانيد لبعض واعتضدت وتوفرت (أسباب الاقتناع) أما أن نحكم باستحالة تطبيق منهج أهل الحديث قبل أن نفهمه وقبل أن نجربه فهذا فيه قصور وعجلة مرفوضة من كل عاقل. وأظن الدكتور العسكر يوافقني على هذه النقطة.
ويعجبني في هذا كلمة للعلامة الألباني حول هذه المسألة يرد بها على الذين يفصلون بين التاريخ والحديث فصلا كبيرا من حيث قبول الروايات وردها يقول في السلسلة الصحيحة (5 / 331) (وقد يظن بعضهم أن كل ما يروى في كتب التاريخ والسيرة أن ذلك صار جزءا لا يتجزأ من التاريخ الإسلامي لا يجوز إنكار شئ منه وهذا جهل فاضح وتنكر بالغ للتاريخ الإسلامي الرائع الذي يتميز عن تواريخ الأمم الأخرى بأنه هو وحده الذي يملك الوسيلة العلمية لتمييز ما صح منه مما لم يصح وهي نفس الوسيلة التي يميز بها الحديث الصحيح من الضعيف إلا وهو الإسناد الذي قال