قتال البغاة أكبر من ثنائه على صلح الحسن، وإلا فبماذا تفسرون قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار). هذا لفظ البخاري.
فالعبارة الأخيرة (يدعوهم إلى الجنة) فيها غاية المدح والثناء.
وهي أبلغ ثناء من قوله صلى الله عليه وسلم: (ابني هذا سيد...) وقد سألت الشيخ ابن باز منذ زمن عن المراد من قوله صلى الله عليه وسلم (يدعوهم إلى الجنة) فقال: عمار يدعوهم إلى طاعة ولي الأمر التي هي من أسباب دخول الجنة، وأهل الشام يدعونه إلى الفرقة التي هي من أسباب دخول النار وما زال كلام الشيخ مسجلا في شريط.
لكن الفقيهي لم يفقه الجمع بين النصوص وإنما يختار ما يحب ويرفض أو يهمل الأصرح والأقوى دلالة. وطريقة الفقيهي (الانتقائية) دون الجمع بين النصوص من شر ما يقع فيه المؤرخون والمحققون على وجه العموم.
ولو كنت متهما الفقيهي - كما أراد أن يتهمني - لقلت إن أهل السنة يقولون: (إن من سمات أهل البدع الاعتماد على نصوص دون نصوص ويبالغون في تفسير أدلة دون أخرى)!! لكن ما زلنا نتورع عن اتهام الناس في عقائدهم ومناهجهم، فالجرأة في هذه الأمور الخطيرة خلاف ما (حصن به أهل السنة أتباعهم)!!
والاهم في هذه النقطة أنه إن لم تكن (الدعوة إلى الجنة) مدحا من النبي صلى الله عليه وسلم لعمار في محاربة البغاة فلن تكون (ابني هذا سيد!) مدحا للحسن في التصالح معهم.