وأمام القضاء الإسلامي، وفي الواجبات والتكاليف: ألا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله (ص)، يرى أن الفضل له على سواه: لصحبته، فإن الفضل النير غدا عند الله ثوابه، وأجره على الله.
وأيما رجل استجاب لله وللرسول فصدق ملتنا ودخل في ديننا، واستقبل قبلتنا، فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده، ولا يتخلفن أحد منكم، عربي ولا عجمي، كان من أهل العطاء أو لم يكن، إلا حضر إذا كان مسلما حرا) (1).
ودعا (ع) كاتبه عبيد الله بن أبي رافع يوما، وقال له:.
إبدأ بالمهاجرين فنادهم، وأعط كل رجل ممن حضر ثلاثة دنانير، ثم ثن بالأنصار ، فافعل معهم مثل ذلك، ومن حضر من الناس كلهم، الأحمر والأسود: فاصنع به مثل ذلك، فقام سهل بن حنيف فقال: يا أمير المؤمنين، هذا غلامي بالأمس، وقد أعتقته اليوم، فقال (ع): نعطيه كما نعطيك، فأعطى كل واحد منهما ثلاثة دنانير)... إلخ (2).
وقد حاول المتضررون من إجراءات أمير المؤمنين (ع) التي تعكس صورة الإسلام الأصيل:
التفاوض معه، فأرسلوا الوليد بن عقبة بن أبي معيط مندوبا، فجاء إليه وقال: يا أبا الحسن إنك وترتنا جميعا، ونحن إخوتك ونظراؤك من بني عبد مناف، ونحن نبايعك اليوم على أن تضع عنا ما أصبناه من المال أيام عثمان، وأن تقتل قتلته، وإنا إن خفناك تركناك فالتحقنا بالشام، فرد عليهم الإمام (ع).
أما ما ذكرتم من وتري إياكم، فالحق وتركم، وأما وضعي عنكم ما أصبتم، فليس لي أن أضع عنكم ولا عن غيركم) (3).
قال إبراهيم الثقفي: إن طائفة من أصحاب علي (ع) مشوا إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين أعط هذه الأموال، وفضل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم، ومن تخاف خلافه من الناس وفراره.
فقال (ع): أتأمروني أن أطلب النصر بالجور؟! والله لا أفعل ما طلعت شمس وما لاح في السماء نجم، والله لو كان مالهم لي لواسيت بينهم، فكيف وإنما هي أموالهم؟ (4).
روي: أن امرأتين أتتا عليا (ع) عند القسمة إحداهما من العرب والأخرى من الموالي، فأعطى كل واحدة خمسة وعشرين درهما وكرا من الطعام، فقالت العربية: يا أمير المؤمنين إني امرأة من العرب، وهذه امرأة من العجم، فقال علي (ع):.