رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ١٨٦
هشام، وأخبره بخبره، فأمر به فحمل على البريد، هو وأصحابه ليردوا إلى المدينة (1).
وإذا كانت رواية الحضرمي تؤكد أن اطلاق سراح الإمام (ع) من السجن الأموي كان بسبب تأثيره بالسجناء الذي التقى بهم، فان رواية محمد بن جرير الطبري في دلائل الإمامة (2)، تفيد أن اطلاق سراحه انما جاء بسبب تأثيره على جماهير دمشق، على أثر مناظراته لزعيم النصارى هناك ودحض آرائه، وتبيان زيفها، والرد على كل الشبهات التي أثارها حول الاسلام، على أنه ليس هناك من تعارض بين الروايتين إذ لا مانع من وقوع الحادثتين معا، فإن الإمام (ع) انما يتبع الهدى والحق أينما حل، طليقا كان هو أم معتقلا، ما دام هناك انسان يلقى السمع وهو شهيد.
وإذ لم تحقق المضايقة الأموية غاياتها الدنيئة في صد الإمام الباقر (ع) عن النهوض بمهامه الرسالية العظمى: فقد رأت السياسة المنحرفة أنه ليس عن اغتياله بديل.
وهكذا دس إليه السم في عام 114 ه‍ (3).
فرحل إلى ربه الاعلى سبحانه صابرا محتسبا.
فسلام عليه يوم ولد ويوم رحل إلى ربه ويوم يبعث حيا.
الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع).
مولده ونشأته:.
ولد الإمام الصادق (ع) في المدينة المنورة في السابع عشر من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين للهجرة، في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.
وأم الإمام (ع) هي: فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وتكنى أم فروة، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، لذلك قال الإمام الصادق (ع): ولدني أبو بكر مرتين ولد الإمام الصادق (ع) وتربى وترعرع في ظلال أبيه محمد الباقر وجده على بن الحسين عليهم السلام.
كان الإمام الصادق (ع)، امام عصره، ومرجع الفقهاء والعلماء والمحدثين، وعليه تتلمذ وعنه أخذ المئات من مشايخ العلم والحديث، وقد شهد له العلماء والفقهاء ودونوا شهاداتهم لجليل قدره وعظيم شأنه وغزارة علمه.
وقد أوضح الإمام الصادق (ع)، هذه الحقيقة بقوله: حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث علي بن أبي طالب، و حديث على

١ - ابن شهرآشوب / المناقب / ج 4 / ص 189. مسألة حمل الامام إلى الشام رويت في مصادر شتى وألفاظ مختلفة، كما روى في بحار الأنوار / ج 46 / باب خروجه (ع) إلى الشام، نقلا عن ابن طاووس / أمان الاخطار. والطبري / دلائل الإمامة. وتفسير على بن إبراهيم، وغيرها.
2 - المجلسي / البحار / ج 46 / ص 309 نقلا عن دلائل الإمامة.
3 - الأمين / أعيان الشيعة / ج 1.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»