التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٦٦
وعلى الرغم من أن المنطلقات الأولى للحركة التوابية جاءت منسجمة مع ما آلت اليه من نتائج فان التقويم الموضوعي لها هو أبعد من حدود الارتجال والتهور، كما في أذهان بعض المؤرخين. فقد ولدت حركة التوابين في الظلام تحت واقع التكفير عن الذنب الذي أوجده مصرع الحسين في كربلاء، وعاشت كمنظمة سرية تعمل في الخفاء - طوال خلافة يزيد بن معاوية - لتكوين قاعدتها الشعبية في الكوفة، وتحاول ان تستفيد من الظروف التي تمخضت عن وفاة هذا الأخير بخروجها من الاطار السري واعلانها الثورة على النظام الأموي المسؤول المباشر عن مقتل الحسين.
ومع اعترافنا بأن حركة التوابين كانت مجرد حركة تكفيرية التزمت بهدف أساسي هو التوبة، وبأنها كحركة سياسية لم تتضمن أي برنامج اصلاحي سياسيا كان أم اجتماعيا، فلا بد لنا أن نعترف أيضا بأنها كانت حركة منظمة ومدروسة، دأبت بصورة جدية على استقطاب الحزب الشيعي بكل فصائله وتعبئته لخوض معركة الانتقام للحسين. ولكن التمزق الذي أصاب هذا الحزب، بسبب تردد بعض عناصره، واستنكاف البعض الآخر عن المشاركة وانتقاده زعامة الحركة التي لم تضع امامها مخطط الاستيلاء
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»