بمنتهى العنف والشراسة. ولكن التوابين، للحقيقة، لم يتخاذلوا ولم يتخلوا مطلقا عن ايمانهم بالقضية التي يناضلون في سبيلها، وانما ظلوا متماسكين في جبهة واحدة متراصة ويقاتلون قتالا بطوليا مستميتا (1)، حتى أن هجماتهم الانتحارية أوقفت بعض الوقت الجنود الأمويين عن التقدم، وجعلتهم يتحاشون الالتحام المباشر معهم، فاعتمدوا النبال كسلاح رئيسي (2) وتمكنوا بذلك من إنزال خسائر جسيمة في صفوف التوابين، مما أدى إلى سيطرتهم أخيرا على زمام الموقف.
وكان سليمان ذلك الرجل الأسطوري، يتقدم رفاقه المناضلين، بخطى ثابتة نحو قدره الذي اختاره عن قناعة وايمان. وفي وسط المعمعة كان صوته يخترق الآذان مرددا: عباد الله من أراد البكور إلى ربه والتوبة من ذنبه والوفاء بعهده فالي (3). وكانت هذه الكلمات آخر ما وردده القائد التوابي وهو يشق بسيفه صفوف الأمويين بكل جرأة ورباطة جأش. ولعله عاش في تلك اللحظات لذة الانتقام وحلم الشهادة الذي أوشك أن