ان كثيرين من علمائنا المحدثين يرتابون في قبول هذا الاستدلال، كما يقول براد.
ان أي فرع من فروع العلوم الحديثة لا يؤكد امكان الحياة بعد الموت، اللهم الا ذلك الاستثناء المشتبه فيه من البحوث الروحية (1).
بيد أن الاستدلال يشبه عندي أن أقول: ان التفكير استثناء مشتبه في أمره، لأن أحدا من ملايين الحيوانات على سطح الأرض لم يصدق هذه الظاهرة غير الانسان!!.
* * * ان بقاء الحياة وفناءها يتعلق بعلم النفس، لكونه مسألة نفسية بحتة. فلا تصلح دراسته الا في علم النفس، أما أن نبحث عنه في أقسام أخرى من العلوم. فهو بمثابة أن نطالب علمي (النبات) و (الفلزات) باثبات ظاهرة التفكير. ولا نستطيع؟ أيضا؟ أن نجعل دراستنا داخل الجسم الانساني حكما في هذه المسالة الخطيرة، وسببه أن الجزء الذي ندعي بقاءه واستمراره في الحياة؟ وهو الروح؟ لا يوجد في هذا الجزء المادي، بل في جسم آخر سواه.
وهذا هو الأمر الذي دفع الكثيرين من علمائنا إلى الاعتراف بأن الحياة بعد الموت واقع حقيقي، بعد أن قاموا بأبحاث علمية طويلة غير منحازة. وقد ألقى (البروفسور دوكاس، وهو أستاذ الفلسفة بجامعة براون، ضوءا على الجوانب النفسية والفلسفية من مسألة الحياة بعد الموت، في الباب السابع عشر من كتابه. والدكتور دوكاس لا يؤمن بالحياة بعد الموت كعقيدة دينية، وانما وجد؟ أثناء بحوثه؟ شواهد كثيرة، اضطر؟
على أثرها؟ أن يؤمن بالحياة الآخرة، مجردة عن قضايا الدين. وهو يكتب في آخر الباب السابع عشرة من كتابه قائلا:
لقد قام رهط من أذكى علمائنا وأكثرهم خبرة بمطالعة الشهادات المتعلقة بالمسألة، وفحصوها بنظرة نقد ثاقبة، وقد توصلوا آخر الأمر إلى أن هناك شواهد كثيرة تجعل فكرة بقاء الروح نظرية معقولة، وممكنة الحدوث.. وهم يرون أنه لا يمكن تفسير تلك الشواهد الا على هذا النحو. ومن هؤلاء الكبار الذين قاموا بهذه البحوث نستطيع أن نذكر:
الأساتذة ألفريد راسل واليس، والسير وليام كروكس، وف. و. ه مايرز، وسيزار لومبرازو، وكيل فلاماريون، والسير أوليفر لوج، والدكتور ريتشارد هوجسن، والمستر هنري سيدويك، والبروفسور هيسلوب.
ويستطرد الدكتور دوكاس قائلا:
ويتضح من هذا أن عقيدة بقاء الحياة بعد الموت؟ التي يؤمن بها الكثيرون منا كعقيدة