تشرق الشمس وتغرب، ولكن لا تظهر آيات وجود الله.
وفي هذه الحالة تطالبنا عقولنا بالايمان بوجود الله، أو انكار هذا الوجود. فلو آثرنا الايمان بالله، فلا مناص لنا من الايمان بالآخرة. فليست هناك طريق أخرى لتبيين علاقة الانسان بالإله.
لقد سلم (داروين) بأن لهذا الكون خالقا ولكن تفسير الحياة الذي قدمه لا يتضمن أدنى ربط بين الخالق ومخلوقه، كما أنه لا يحس بالحاجة إلى نهاية لهذا الكون، حاجة تدفعه إلى تقرير هذا الربط، ولست أدري كيف سيملأ (داروين) هذا الفراغ الكبير في نظريته البيولوجية؟ ان عقلي يستنكر إلها لا علاقة له بأمور الكون، ولا يشهده عباده في مظهر الخالق أبدا. وما أعجب خالق داروين؟ هذا الذي يأتي بكون عملاق هكذا، ثم ينهيه، دون إبداء الأسباب التي دفعته إلى هذا الخلق، ودون تعريف مخلوقيه بصفاته العديدة!!.
اننا لو أعطينا هذه المسالة الخطيرة شيئا من تفكيرنا، فسوف نجد قلوبنا تصرخ: (ان الساعة آتية لا ريب فيها..) (1).
بل اننا لو تأملنا فسنراها مسرعة الينا، سوف نراها ثقيلة، وشيكة الانفجار، كأنها الوليد في بطن الحامل. وما أقرب ما تفتك بنا؟ فجأة؟ إن عشية أو ضحاها:
(يسألونك عن الساعة أيان مرسها. قل انما علمها عند ربي. لا يجليها لوقتها الا هو.
ثقلت في السماوات والأرض. لا تأتيكم الا بغتة (2).
رابعا؟ الشهادة التجريبية نواصل الآن بحثنا في الجانب الآخر من هذا الموضوع:
(الآخرة)، وهو: هل هناك شهادة تجريبية تثبت الحياة بعد الموت؟.
ان أول دليل على الحياة الثانية هو حياتنا الأولى في حد ذاتها، فان الذين ينكرون الحياة الثانية يقرون، بداهة، الحياة الأولى. والحياة، تلك التي ظهرت مرة واحدة، كيف تعجز عن إعادة نفس العملية مرة أخرى؟ هذه التجربة التي نعيشها نحن اليوم، كيف يستحيل حدوثها ثانية؟؟ انه لا شئ أكثر عداء للمنطق والعقل الانساني من أن نسلم بوقوع حادث في الحال، وننكره في المستقبل!!.
يا له من تناقض عجيب.. ان الانسان يدعي أن الآلهة التي اخترعها هو بمقدراته