الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ٩٢
أخرى ظلت باقية إلى العصر الحاضر، وبهذا التسلسل الرائع منذ ألوف السنين؟ هل يستطيع أذكى أذكيائهم أن يخترع فكرا واهيا، ثم يدخله إلى النفس الانسانية، وكأنه موجود بها منذ الأزل؟.
ان لكل انسان أماني كثيرة لا تكلل بالنجاح في حياته، انه يتمنى حياة أبدية، ولكن الحياة التي أعطيت له تخضع لقانون الموت. والعجيب أن الانسان عندما يكون على أبواب حياة ناجحة عظيمة، بعدما كسب من العلم والمعرفة، والخبرة والتجارب الثمنية، حينئذ تداهمه دعوة الموت.. ولقد أكدت احصائية عن تجار لندن الناجحين أن أمرهم يستقر فيما بين؟ 45 65 سنة من أعمارهم، ثم يبدأون يربحون ما بين خمسة آلاف إلى عشرة آلاف جنيه في السنة، وفي ذلك الوقت الثمين؟ فجأة؟ تتوقف حركات قلوبهم ذات مساء، أو ذات صباح، فيرحلون إلى عالم مجهول، تاركين تجارتهم الممتدة إلى ما وراء البحار..
يقول الأستاذ وينوود ريد (Winwood Reade):
انه لأمر هام يدعونا إلى التفكير فيما إذا كانت لنا علاقة شخصية مع الاله؟ هل هناك عالم غير عالمنا هذا؟ وهل سوف نلقى جزاء أعمالنا في ذلك العالم؟ ان هذا السؤال ليس بعقدة فلسفية عظيمة فحسب، وانما هو في نفس الوقت أعظم أسئلتنا العملية أيضا. انه سؤال تتعلق به مصالحنا الكثيرة، فحياتنا الراهنة قصيرة جدا، أفراحها عادية موقوتة، إذ اننا عندما نظفر بما نحلم به، يفاجئنا الموت، ولو استطعنا الاهتداء إلى طريق خاصة تجعل أفراحنا دائمة وأبدية، فلن يرفض العمل به أحد غير البله والمجانين منا (1).
ولكن الكاتب نفسه يستطرد فينكر ذلك المطلب النفسي الكبير من أجل أمور لا وزن لها ولا قيمة، فهو يقول: ان هذه العقيدة كانت معقولة جدا حين كنا لا نبحث جوانبها بعمق وجد.. ولكن بعد هذا البحث اتضح لنا أنها أمر سخيف، ويمكن اثبات سخافته بسهولة، فالفلاح المحروم العقل الجاهل لا يتحمل مسؤولية خطاياه، وسيدخل الجنة، ولكن العباقرة مثل (جوته)، و (روسو)، سوف يحترقون في نار الجحيم، فلأن يخلق الانسان محروم العقل خير له من أن يكون من أمثال جوته وروسو!! ان هذا الكلام تافه وسخيف (2).
وما أشبه هذا الموقف بالذي اتخذه (اللورد كلوين) تجاه التحقيق العلمي الذي قام به (ماكسويول)، فقد زعم اللورد أنه لا يستطيع أن يفهم نظرية ما إلا بعد وضع نموذجها الميكانيكي، وبناء على هذا الفرض أنكر نظرية ماكسويل عن البرق والمغناطيس، لأنها

(1) Martyrdom of Man, p. 414.
(2) Ibid, p. 415.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»