ان الهدف من إثارة مسألة بسيطة كهذه، ليس إلا أن نوضح كيف تتعقد الوقائع بنسبة كبيرة جدا في مقابل الصدفة (1).
* * * ولنتأمل الآن في أمر هذا الكون، فلو كان كل هذا بالصدفة والاتفاق، فكم من الزمان استغرق تكوينه بناء على قانون الصدفة الرياضي؟.
ان الأجسام الحية تتركب من خلايا حية، وهذه (الخلية) مركب صغير جدا، ومعقد غاية التعقيد، وهي تدرس تحت علم خاص يسمى علم الخلايا Cytology. ومن الأجزاء التي تحتوي عليها هذه الخلايا: البروتين، وهو مركب كيماوي من خمسة عناصر، هي: الكاربون، والهيدروجين، والنتروجين، والأوكسجين، والكبريت.. ويشمل الجزء البروتيني الواحد أربعين ألفا من ذرات هذه العناصر!!.
وفي الكون أكثر من مائة عنصر كيماوي، كلها منتشرة في أرجائه، فأية نسبة في تركيب هذه العناصر يمكن أن تكون في صالح قانون الصدفة؟ أيمكن أن تتركب خمسة عناصر؟ من هذا العدد الكبير؟ لايجاد الجزئ البروتيني بصدفة واتفاق محض؟! اننا نستطيع أن نستخرج من قانون الصدفة الرياضي ذلك القدر الهائل من (المادة) الذي سنحتاجه، لنحدث فيه الحركة اللازمة على الدوام، كما نستطيع أن نتصور شيئا عن المادة السحيقة التي سوف تستغرقها هذه العملية.
لقد حاول رياضي سويسري شهير، هو الأستاذ (تشارلز يوجين جواي) أن يستخرج هذه المدة عن طريق الرياضة.. فانتهى في أبحاثه إلى أن (الامكان المحض) في وقوع الحادث الاتفاقي؟ الذي من شأنه أن يؤدي إلى خلق كون، إذا ما توفرت المادة؟ هو واحد على 10 / 60 (أي: 10 × 10 مائة وستين مرة). وبعبارة أخرى: نضيف مائة وستين صفرا إلى جانب عشرة!! وهو عدد هائل لا يمكن وصفه في اللغة.
ان امكان حدوث الجزئ البروتيني عن (صدفة) يتطلب مادة يزيد مقدارها بليون مرة عن المادة الموجودة الآن في سائر الكون، حتى يمكن تحريكها وضخها، وأما المدة التي يمكن فيها ظهور نتيجة ناجحة لهذه العملية، فهي أكثر من 10 / 243 سنة (1)!.
ان جزء البروتين يتكون من سلاسل طويلة من الأحماض الأمينية Amino - Acids وأخطر ما في هذه العملية هو الطريقة التي تختلط بها هذه السلاسل بعضها مع بعض، فإنها لو اجتمعت في صورة غير صحيحة لأصبحت سما قاتلا، بدل أن تصبح موجدة للحياة.