الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ٧٢
ان كل ما أتيحت له الفرصة كي يطالع صفحة من هذا الكون، سيعترف مصدقا أنه لا مبالغة في هذه الكلمات الإلهية، وانما هي تعبير بسيط عن الحقائق الموجودة فعلا.
* * * صدفة أم عمليات حكيمة؟
ان معارضي الدين يسلمون بكل ما طرحناه في الصفحات الماضية من الأنظمة العجيبة، والحكمة غير العادية، والروح التي تسري في الكون، ولكنهم يفسرونها بطريقة أخرى، انهم عاجزون عن أن يجدوا فيها رمزا أو إشارة لمنظم ومدبر.. فإذا بهم يرون أن كل هذا جاء نتيجة صدفة محضة.
واستمع إلى قول هكسلي:
لو جلست ستة من القردة على آلات كاتبة، وظلت تضرب على حروفها لملايين السنين، فلا نستبعد أن نجد في بعض الأوراق الأخيرة التي كتبوها قصيدة من قصائد شكسبير! فكذلك كان الكون، الموجود الآن، نتيجة لعمليات عمياء، ظلت تدور في المادة، لبلايين السنين (1).
ان أي كلام من هذا القبيل لغو مثير، بكل ما تحويه هذه الكلمة من معان، فان جميع علومنا تجهل؟ إلى يوم الناس هذا؟ آية صدفة أنتجت واقعا عظيما ذا روح عجيبة، في روعة الكون، فنحن نعرف بعض الصدف، وما ينشأ عنها من آثار، فعندما تهب الرياح تصل حبوب اللقاح من وردة حمراء إلى وردة بيضاء، فتأتي بوردة صفراء.. هذه صدفة لا تفسر قضيتنا الا تفسيرا جزئيا استثنائيا. فان وجود الوردة في الأرض بهذا التسلسل، ثم ارتباطها المدهش مع نظام الكون، لا يمكن تفسيره بهبة رياح صدفة. انها تأتي بوردة صفراء ولكنها لا تأتي بالوردة نفسها! ان الحقيقة الجزئية الاستثنائية التي توجد في مصطلح قانون الصدفة باطلة كل البطلان، إذا ما أردنا تفسير الكون بها.
يقول البروفسور ايدوين كونكلين:
ان القول بأن الحياة وجدت نتيجة حادث اتفاقي شبيه في مغزاه بأن نتوقع اعداد معجم ضخم، نتيجة انفجار صدفي يقع في مطبعة (2).
وقد قيل: إن تفسير الكون بوساطة (قانون الصدفة) ليس بكلام فارغ. بل هو

(1) The Mysterious Universe, pp. 3 - 4.
(2) The Evidence of God, p. 174.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»