الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ٤٨
في الجبل أشق من النزول منه. ونلاحظ حقائق كثيرة كل يوم لا علاقة لإحداها بالأخرى ظاهرا. ثم نتعرف على حقيقة استنباطية - هي قانون الجاذبية، وهنا ترتبط جميع هذه الحقائق، فنعرف للمرة الأولى انها كلها مرتبطة إحداها بالأخرى ارتباطا كاملا داخل النظام. وكذلك الحال لو طالعنا الوقائع المحسوسة مجردة، فلن نجد بينها اي ترتيب، فهي متفرقة، وغير مترابطة، ولكن حين نربط الوقائع المحسوسة بالحقائق الاستنباطية فستخرج صورة منظمة للحقائق (1) * * * ان قانون الجاذبية لا يمكن ملاحظته قطعا، وكل ما شاهده العلماء لا يمثل في ذاته قانون الجاذبية، وانما هي أشياء أخرى، اضطروا لاجلها منطقيا ان يؤمنوا بوجود هذا القانون.
واليوم يلقى هذا القانون قبولا علميا عظيما، وهو الذي كشف عنه نيوتن لأول مرة، ولكن.. ما حقيقة هذا القانون من الناحية التجريبية؟.. هاهو ذا نيوتن يتحدث في خطاب أرسله إلى (بنتلي) فيقول:
انه لامر غير مفهوم ان نجد مادة لا حياة فيها ولا احساس وهو تؤثر على مادة أخرى، مع أنه لا توجد اية علاقة بينهما (2) * * * فنظرية معقدة غير مفهومة، ولا طريق إلى مشاهدتها، تعتبر اليوم، بلا جدال، حقيقة علمية!!! لماذا؟.. لأنها تفسر بعض ملاحظاتنا، فليس بلازم آذن ان تكون الحقيقة هي ما علمناه مباشرة بالتجربة، ومن ثم نمضي إلى القول بان العقيدة الغيبية التي تربط بعض ما نلاحظه، وتفسر لنا مضمونه العام تعتبر حقيقة علمية من نفس الدرجة!..
* * * يقول البروفسور ماندير: القول بأننا عرفنا الحقيقة يعني: اننا عرفنا معناها، وبعبارة أخرى: اننا بحثنا عن وجود شئ، وعن أحواله ففسرناه وأكثر عقائدنا تدخل في هذا النطاق فهي في الحقيقة تفسيرات للملاحظة ويستطرد ماندير فيتكلم عن الحقائق الملحوظة:

(1) Clearer Thinking, p. 51.
(2) Works of W. Bently, III, p. 221.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»