لاختيار احدى نظريتي بطليموس وكوبرنيك: كانت الأولى تزعم ان الأرض هي مركز النظام الشمسي. على حين أكدت الثانية ان النظام الشمسي هو مركز الأرض. وكانت نظرية بطليموس غاية في التعقيد حتى رفضها العلماء (1) ولا بأس من الاعتراف بان هذه الأدلة لن تقنع بعض الناس. فان أبواب عقولهم المادية موصدة دون أي كلام مهما يكن علميا عن الاله أو الدين. ومن المؤكد ان موقفهم هذا ليس لان استدلالنا ضعيف، وانما هو راجع إلى تعصبهم المقيت ضد الأفكار الدينية، ولقد صدق عالم بريطانيا العظيم سير جيمس جينز الذي يعتبر ولا شك أعظم علماء العصر الحديث حيث قال في كتابه الشهير (عالم الاسرار).
ان في عقولنا الجديدة تعصبا يرجح التفسير المادي للحقائق (2) وذكر (ويتكر شامبرز) في كتابه (الشهادة) Witness حادثا كان من الممكن ان يصبح نقطة تحول في حياته. ذكر أنه بينما كان ينظر إلى ابنته الصغيرة استلفتت أذناها نظره.
فاخذ يفكر في أنه من المستحيل ان يوجد شئ معقد ودقيق، كهذه الاذن، بمحض اتفاق، بل لابد انه وجد نتيجة إرادة مدبرة. لكن (ويتكر شامبرز) طرد هذه الوسوسة عن قلبه، حتى لا يضطر ان يؤمن منطقيا بالذات التي أرادت فدبرت، لان ذهنه لم يكن على استعداد لتقبل هذه الفكرة الأخيرة.
ويقول الأستاذ الدكتور (تامس ديودباركس) بعد أن يذكر هذا الحادث:
انني اعرف عددا كبيرا من أساتذتي في الجامعة. ومن رفقائي العلماء الذين تعرضوا مرارا لمثل هذه المشاعر. وهم يقومون بعمليات كيماوية وطبيعية في المعامل (3) لقد اجمع علماء هذا العصر على صدق نظرية النشوء والارتقاء.. وقد بدأت هذه النظرية تسود فعلا جميع فروع العلوم الحديثة. فكل مشكلة تحتاج إليها في تفسيرها توضع مكانه هذه النظرية بغير تردد.
هذا جانب من النظرية، واما الجانب الثاني وهو الجانب المظلم منها الذي يقرر (فكرة التطور العضوي) Organic Evolution الذي استنبطت منه فكرة الارتقاء. فقد بقي إلى يوم الناس هذا بلا براهين، وبلا أدلة علمية! حتى قال كثير من العلماء: انهم لا يؤمنون بهذه النظرية.، الا لأنه لا يوجد أي بديل لها سوى الايمان بالله مباشرة.